الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
رجعوا التلامذة

   منذ إنتكاسة اليسار عالميا في بداية تسعينات القرن المنصرم، لم تشهد القضية الفلسطينية تعاطفا ونضامنا شعبيا في العديد من الدول مثلما يحدث الان ... ويبدو لي إن الامر لم يأتِ من خلال ما قدمته حماس وحلفاؤها في غزة بل بما تمارسه سلطات الابارتيد الصهيوني في تل أبيب من جرائم قتل وتخريب وتجريف مشينة مدعومة من قبل أنظمة الغرب الرأسمالي بزعامة الولايات المتحدة الامريكية، والتي تشهد الانفجار الطلابي الحالي تضامنا مع شعب فلسطين وحقه في العيش بكرامة على كامل أرضه وإنهاء الاحتلال الاسرائيلي... وبتقديري فإن هذا الانفجار ليس بمعزل عن الواقع المتردي الذي تعاني منه شرائح كبيرة من المجتمع الاميركي فقد إزداد معدل الفقر منذ عام 2010 حيث كان 7.8% الى 12.4% بين عامي 2021 و2022 ، ويعاني اليوم 8.8% من كلا الجنسين بين الشباب من البطالة وهذه النسبة تعني وجود أكثر من (12) مليون شاب عاطل عن العمل !! ومازالت سلطات الرأسمال المعولم غير قادرة من الوصول الى إيجاد مائة الف وظيفة شهريا تناسبا مع الزيادة في أعداد السكان القادرين على العمل، ولم تبدِ الادارات الأمريكية أي إهتمام لتراجع القدرة الشرائية للدولار بمقدار ست مرات خلال السنوات العشر الاخيرة (القدرة الشرائية غير القيمة السوقية للدولار عالميا) . وأيضا فإن الادارات الاميركية المتعاقبة لم تلتفت لحاجات المجتمع المتزايدة بقدر توظيفها لأموال الضرائب في حروب خارجية مباشرة وغير مباشرة لا تعني المواطن دافع الضرائب بقدر ما تعني تلك الادارات الراعية لمصالح الرأسمال المعولم، ففي خلال عامين من بدء العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا قدمت إدارة بايدن لحكومة كييف ما يزيد عن (127) ملياردولار " مائة وسبعة وعشرين مليار دولار" على شكل دفعات أسلحة وأعتدة وأخرى تحت مسميات تموينية وانسانية وغيرها، عدا الارصدة المفتوحة دائما لإسرائيل في مساعدتها على إرتكاب جرائمها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني . تلك بعض من العوامل التي أدت سابقا الى ظهور حركة ( إحتلوا وول ستريت) وأيضا حركة ( حياة السود مهمة) واليوم إنفجار روح الشباب المتمردة بإعتصامات وإضرابات مازالت تقض مضاجع إدارة بايدن التي لجأت الى أساليب العنف لفض تلك الاعتصامات ولتوجيه تهمة معاداة السامية تلك المعادلة القذرة التي أوجدتها أجهزة القمع الاميركية فنصرة الشعب الفلسطيني تعني عندهم معاداةٍ للسامية.

   إن مظاهرات الطلبة تكتسب أهمية كبيرة في تحفيز المجتمع وتنبيهه نحو واقعه وما يجري في العالم من جرائم مشينة، وهذه ليست المرة الاولى التي يتصدر فيها الطلبة مشهد الاحتجاجات، ففي عام 1968مثلا نهضت جامعة كولومبيا أيضا ببداية حركة إحتجاجية ضد الحرب الاميركية في فيتنام وإمتدت الى جامعات أخرى، وأدت الى إزدياد أعداد الرافضين للحرب وتناقص أعداد الملتحقين بوحدات الجيش الاميركي المعتدي على الشعب الفيتنامي، وأيضا مظاهرات الطلبة في فرنسا بنفس العام التي أدت الى تحطيم صورة " القائد البطل " ديغول مما أضطرته بعد عام من بدايتها الى الاستقالة وعيش بقية حياته بعزلة سياسية ومجتمعية.

   واليوم باتت مظاهرات الطلبة في أميركا نفسها بحاجة الى تضامن عالمي لما تتعرض له من حملات عنف وإعتقالات كبيرة طالت المئات من الطلبة، وبإستطاعة اليسار في مختلف دول العالم أن يلعب دورا مهما في ذلك وكي يستعيد مكانته المجتمعية والسياسية.

العنوان مستعار من أغنية للشيخ إمام

  كتب بتأريخ :  الجمعة 03-05-2024     عدد القراء :  723       عدد التعليقات : 0