السياسة الخاطئة تقود الى كوارث، وقد اكد العراق هذه البديهية عبر سياسات كل الحكومات التي قادت الوطن من مستنقع الى آخر خلال العقود الماضية! فالسياسة الهوجاء والرعناء لحاكم العراق الاسبق صدام، قادته الى حرب لم تنته، فما ان تنطفئ جذوة هذه الحرب حتى تندلع اخرى اكثر عدوانية! وبدأت ملامح تدويل القضية العراقية تلوح بالافق، بعد اندلاع الحرب العراقية الايرانية ومن ثم القيام باجتياح الكويت الشقيقة، وكان ذلك الاجتياح الشعرة التي "كسرت" ظهر الشعب العراقي! وزاد الطين بلّة الحصار الظالم وما تبعه من تدخل سافر في الشأن العراقي من جانب الدول الاقليمية ومن القارات الاربع!
وفقد العراق توازنه السياسي، ولم يعد قراره آنذاك بيده، فالامم المتحدة هي التي تقرر ما يجب فعله، وما لا يجب!
ثم جاء السقوط/ التغيير/ الاحتلال، سمه ما شئت، فالنتيجة واحدة! حاكم اجنبي مدني يقوم بتاسيس حكومة مدنية من المكونات المختلفة تحت يافطة " المشاركة"، سرعان ما تحولت الى " المحاصصة " والتي تعني في الاخير تقاسم الكعكة على اسس "وطنية" فاسدة!
ولم تكن هناك وطنية في اي قرار تتخذه الاحزاب المتنفذة طيلة عقد ونصف العقد، اذا ما استثنينا الاصطفاف الوطني في محاربة " داعش" ودحره عسكريا بفضل القوات المسلحة وابناء" الملحة" في الحشد الشعبي وبقية الشرفاء من العراقيين.
وراحت اوراق التدخل تتكشف جلية عبر الاقتصاد والتجارة والسياسة، فتم تفكيك المصانع والمعامل الانتاجية لتباع كخردة في اسواق مشبوهة! وهذا الواقع جعل من العراق سوقا رائجة لبضائع الدول المجاورة تساهم بازدياد مداخيل الفاسدين! اما على مستوى السياسة فلم يعد ممكنا للشعب العراقي ان يختار رؤوس سلطاته الثلاث وما هو ادنى من ذلك، دون موافقة من هذه الدولة او تلك ! حتى اصبح تجاوز بعض فقرات الدستور سنّة سارت عليها كل الحكومات التي يفترض انها جاءت عبر صندوق الإنتخابات!
والمصيبة الكبرى ان الدول التي ترغب بحسم خلافاتها وجدت في العراق مكبا لنفاياتها وساحة مفتوحة لمعاركها، فسرقت كرامة الوطن والمواطن!
وما حدث في الايام الاخيرة من قصف وقصف مضاد، سواء في بغداد ام خارجها، هو خير دليل على فقدان الحكومة قدرتها على التصدي لمثل هذه التجاوزات!
حكومة ضعيفة في تعاملها مع الآخر، ولكنها تكشر عن انيابها في التعامل مع المواطنين العزل!