يتفق علماء التغذية على ان المواد الغذائية المجمدة يمكن لها ان تكون صالحة للاستعمال لفترة طويلة شرط ان لا تذوّب ثم تعاد للتجميد مرة ثانية، لانها في هذه الحالة تصبح مادة سامة، ومع تراكم الزمن تتصاعد عفونتها لتزكم الأنوف!
حالها حال “الملفات” في عراقنا الجديد وما أكثرها! الملفات التي تستخدم مرة للتهديد والوعيد والابتزاز ومرة للدعاية والترويج لهذا المسؤول او ذاك وتبييض بعض الوجوه، بغض النظر عن نوعية هذه الملفات سواء كانت تتعلق بالارهاب او بالفساد المالي والإداري!
وحين تتم المصالحة والمصافحة على مذهب “ المحاصصة” وتتشابك الايدي وتخضب اللحى بالقُبل وبدموع التماسيح، تعاد تلك الملفات الى “ المجمدة “ ثانية وثالثة..
هناك عرفٌ عالمي وانساني يقول بان الجريمة لا تسقط بالتقادم مهما طال الزمن ومن حق اهالي الضحايا او “الحق العام” ان يطالب بإنزال العقوبات بكل من تثبت ادانته باية جريمة كانت.
وساورد لكم مثلا من فرنسا حيث تمت محاكمة احد اهم اذرع الجيش النازي في فرنسا ابان الحرب العالمية الثانية وهو “كلاوس باربي” كان يعمل في صفوف قوات الجستابو أثناء الحرب العالمية الثانية، ويعتبر مسؤولاً عن الكثير من المذابح ضد المدنيين وأُطلق عليه لقب سفاح مدينة “ليون” الفرنسية. اختفى باربي بعد نهاية الحرب وهرب الى بوليفيا تحت اسم “كلاوس التمان” وبعد اكثر من أربعة عقود تم العثور عليه واقتيد الى فرنسا وجرت محاكمته في 4 تموز 1987 وحكم عليه بالسجن مدى الحياة!
في العراق هناك مئات الملفات بالقتل والاختطاف والتخريب، ويخرج بعضها للعلن ثم سرعان ما يلفها النسيان!
ونحن هنا نتساءل:
من قتل كامل شياع وياسين ابو ظفار وامجد الدهمان وهاشم الهاشمي وريهام واكثر من ستمائة شهيد في انتفاضة تشرين لوحدها!!
لماذا لا تفتح ملفاتهم بمحكمة خاصة واستثنائية وتتم محاكمة القتلة؟!
لماذا لا يتم كشف ملفات المختطفين، ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر، الكاتب والصحفي توفيق التميمي، والمكتبي مازن عبد اللطيف؟!
لماذا لا تكشف ملفات الفساد الكبرى لحد الان؟!
نحن على يقين بان رؤوسا كبيرة ستسقط لو كشفت تلك الملفات! ليكونوا درسا لكل من تسول له نفسه المساس بالمواطن او بالوطن.
التجربة الديمقراطية اذا لم تمتلك انيابا تدافع عنها ستكون “مسخرة” لذوي النفوس الفاسدة والقاتلة!