الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
ايقونات الابداع العراقي

كل الشعوب تحتفي بمدعيها ايما احتفاء، وتروج لهم بما ينسجم وسعة ابداعهم، وتعدهم ثروة وطنية لا يمكن الاستغناء عنها. وهناك امثلة عديدة من بلدان عديدة.

اثناء أحداث ثورة الطلبة عام 1968 في فرنسا، تم اعتقال الكاتب جان بول سارتر، ووصل خبر اعتقاله الى رئيس الجمهورية انذاك، شارل ديغول، الذي صرخ محتجا على ذلك الاعتقال “ من اعتقل فرنسا”! وهكذا وضع المبدع مقابل الوطن على قدم مساواة واحدة. والاحتفاء الفرنسي بالرسام الشهير ذي الاصول الاسبانية بيكاسو غني عن التعريف.

وليس بعيدا عن بغداد، فالقاهرة تمنحنا مثلا متميزا بالاحتفاء بمبدعيها يتعدى حدود العاصمة المصرية، حتى يصل لعواصم عربية اخرى!

والاحتفاء بمبدع معين يعني التعريف به اولا على نطاق واسع وادراج اسمه في الكتب المدرسية كل حسب اختصاصه، واقامة نصب تذكارية له وإجراء مسابقات سنوية باسمه، ناهيك عن طبع كتب دراسية عنه تتحمل كلفتها الدولة بالكامل وتسهر الجهات المختصة على تنفيذ كل ما يمكن له ان يصب في اعلاء اسم هذا المبدع.

اورد مثلا هنا على التعامل البائس مع ابرز المعالم العراقية في مجال النحت الا وهو “ نصب الحرية “ للفنان الراحل جواد سليم! اليس من الممكن وضع لوحة صغيرة تعرّف بالنصب وبالفنان باسطر معدودة وباللغتين الانجليزية والعربية، لكي يتسنى للمواطن العراقي اولا وللسائح الاجنبي ثانيا التعرف على هذا المنجز، الذي تفردت به بغداد دون العواصم الاخرى، والذي ارتبط بطموحات الشعب العراقي بحياة حرة كريمة. وبعد انطلاق انتفاضة “ تشرين” قبل عام بالتمام والكمال اتخذ النصب معنى آخر ارتبط بالمعنى الحقيقي للتغيير.

من جانب اخر اود التذكير بايقونة اخرى، خالدة في الذاكرة الجمعية، الا وهي شاعر العراق الكبير مظفر النواب، الذي غير مسار القصيدة المحكية باخراجها من قالبها الكلاسيكي الى شكل جديد ينسجم وروح التطور شكلا ومضمونا، وهو ما لم يفعله اي شاعر عراقي او عربي اذا ما استثنينا السياب!

وذاع صيته بفضل قصائده في كل الدول العربية، ولكنه كان ممنوعا من التداول في بلده طيلة فترة النظام الدكتاتوري!!

هل يدرس الطلبة هذا الشاعر في مناهجهم الدراسية ؟! هل احتفت المؤسسات الرسمية بهذه الايقونة كما يجب؟

هل اقيم له نصب في قلب العاصمة؟

اتساءل بمرارة متى تتشكل لدينا مؤسسات تابعة للدولة وليس للاحزاب المؤتلفة داخل الحكومة، لكي تقوم بأداء واجبها دون املاءات حزبية او طائفية او عرقية؟!

الجواب مشروط بكل تأكيد، باستمرار الانتفاضة التشرينية ونجاحها في تحقيق المطالب العادلة لشعبنا. وهذا لن يتم اذا لم نتخل عن دور “ المشاهد” ونعود عودة جماعية الى الشارع مجددا، موظفين ومثقفين وفنانين وعمال وفلاحين وكسبة ومتقاعدين وكل من له مصلحة في التغيير القادم!

  كتب بتأريخ :  الجمعة 16-10-2020     عدد القراء :  1449       عدد التعليقات : 0