الانتقال الى مكتبة الفيديو
 
الموت في الظلام, قصة قصيرة
الأربعاء 31-12-1969
 
عبد الرضا المادح
في المساء وكعادته التي لاتعرف السكون، دفع عربته والتي تشبه صندوق خشبي بثلاث عجلات، اتقـِنَ صنعُها فجُعل لها باب من الجهة الخلفية، وفتحة في في سطح العربة بحجم قدر كبير. توقفت العربة امام باب الدار بمسافة تسمح لجسده الضخم بالانزلاق الى الداخل. 

انحنى بقامته الطويلة الى الامام، لتتناسق مع حركة جسد زوجته النحيف. رفعا قدر الكبـّة الثقيل ليتجها بحذر الى خارج الدار ويثبتانه في مكانه على العربة. تأكد من ملء البريمز* بالنفط الابيض ليضعه تحت القدر مباشرة. بناته الاربع لم يـَكُفْنَ عن الحركة، هذه وضعت كيس الصمّون داخل صندوق العربة وتلك احضرت اللوكس * والثالثة تأكدت من ملء المملحة وعلبة مسحوق الفلفل الاسود، اما رابعتهن وهي الكبرى فجاءت بصف ثقيل من الاطباق.التفت اليهن مستفسرا بصوته الخشن الثقيل:ـ  الم تنسوا شيئاً...؟ـ  توكل على الله. اجابت زوجته.ـ  اودعناكم...ثم انساب مع عربته في الزقاق الضيق نحو الشارع المعبد متجها الى " العشار " مركز المدينة. في ساحة " ام البروم " ركن عربته الى جانب الرصيف. كل عربة تعرف مكانها بالضبط . جهّز اللوكس وثبته على عمود في زاوية من العربة لينشر ضياءه على وجوه المارة. هدير البريمز يعلن عن انتشار رائحة الكبة الشهية. اصطفّ ثلاثة رجال حول العربة. الاطباق المتسخة تأخذ طريقها الى باطن العربة. الحركة في الساحة تتواصل من الشروق حتى الشروق، عمال، جنود، مسافرون، سكارى، مصريون يبحثون عن مأوى على بساط الحديقة العشبي .عند الثالثة فجراً لملم اللوكس ضياءه، وانطفأ البريمز بعد ان خارت قواه. اجتاز جسر شارع السعدي، ليولي ظهره نحو المشرق متحدياً في اتجاهه سير المرور. الى جانب الرصيف المحاذي لنهر العشار، كانت العربة تسير ببطء شديد. دماغه لايقوى على التركيز. مطأطئً رأسه نحو الاسفلت. لا يكاد جسده يظهر من خلف العربة. مرت سيارة مسرعة بجنبه فأثارت غبار حبات الندى على وجهه. واصل سيره تحت ظلام شجرة يوكالبتوس ضخمة. سرت رعدة اصدام افزعت الطيور النائمة بين اوراق الشجرة. تدحرجت عجلة من العربة لتقطع الطريق نحو الرصيف الاخر. تناثرت بقايا الصمون على صفحة ماء النهر الساكنة. اختلط الدم مع سائل الكبة اللزج الدافيء. لم تدرك الروح ماحدث فتسللت ببطء مع عطر اليوكالبتوس لتستقر في الاعلى مذعورة. ابتعدت السيارة لتختفي في اخر الطريق.......................*  البريمز : جهاز للتسخين يعمل على ضغط وحرق النفط الابيض.*  اللوكس : جهاز للاضاءه يعمل على ضغط وحرق النفط الابيض.

 
   
 


اقـــرأ ايضـــاً
محمود المشهداني رئيسا جديدا لمجلس النواب العراقي
هدف نتانياهو "عدم منح المرشحة الديمقراطية، كمالا هاريس، أي مكسب سياسي أمام الناخبين"
انتهاء الجولة الأولى لانتخاب رئيس البرلمان.. ماذا ينتظر المرشحون؟
العراق في المرتبة الرابعة عربياً بعمالة الأطفال وتحذير من تنامي ظاهرة "خطيرة"
"هل تريد أن أُقتل على الهواء؟".. مهدي حسن يتسبب في طرد ضيف أميركي
بعد فوضى وعراك.. البرلمان يفشل بإتمام جلسة القوانين الجدلية
مزحة قد تكلف ترامب حلمه بالرئاسة
السوداني: العراق أحد أكثر البلدان تعرضاً للتحولات البيئية والتغيرات المناخية
إحياء الذكرى الخامسة لانتفاضة تشرين وسط بغداد: الشهداء حاضرون في رايات المحتجين
تعزية من الاتحاد الديمقراطي العراقي في الولايات المتحدة الأميركية
مشادات كلامية داخل مجلس النواب.. ماذا يجري؟ وعدم انعقاد جلسة اليوم
المجمع الفقهي والوقف السني يرفضان تعديل قانون الأحوال ويطالبان بمدونة موحدة..
 

نقوم بارسال نشرة بريدية اخبارية اسبوعية الى بريدكم الالكتروني ، يسرنا اشتراككم بالنشرة البريدية المنوعة. سوف تطلعون على احدث المستجدات في الموقع ولن يفوتكم أي شيئ





للمزيد من اﻵراء الحرة