الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
اعتذار الى الكرد

هل عملَ رئيس مجلس الوزراء معروفاً بانتقاله شخصياً وموكبه الجرار الى موقع الجريمة حيث أزهق ضابط في اللواء الرئاسي بدم بارد أمس الأول روح الزميل المغدور محمد بديوي الشمري؟ وهل فعلت خيراً الصحف التي احتجبت عن الصدور أمس على خلفية الجريمة المروعة ذاتها؟

بعيداً عن النوايا وعن الدوافع الحقيقية، أرى ان السيد نوري المالكي قد وضع نفسه في وضع غير سهل، فمن الآن فصاعداً يتعيّن عليه أن يذهب بنفسه وبموكبه الجرار الى المواقع التي سيُقتل فيها الصحفيون، وما أكثر قتلاهم!.. ولكن لماذا الصحفيون من دون غيرهم ؟ سيتعيّن عليه أن ينتقل الى مسارح كل الجرائم المرتكبة في حق الاكاديميين والادباء والفنانين والمهندسين والرياضيين وسائر الناس، فما من عراقي درجة أولى وآخر درجة ثانية وثالثة، وما من دم نفيس وآخر رخيص.

الأمر نفسه ينسحب على الصحف المحتجبة .. سيتعين عليها الاحتجاب مع سقوط كل صحفي ضحية لضابط في البيشمركة أو سوات أو العمليات أو الشرطة أو في العمليات الارهابية، فالجريمة في كل الاحوال واحدة وقيمة الصحفي لا تنقص أو تزيد تبعاً لهوية قاتله. وبالطبع سيتعين عليها أيضاً الاحتجاب مع كل هجوم تتعرض له مؤسسة اعلامية من قوات حكومية أو ميليشيا أو عصابات.

على مدى عشر سنوات، سقط أكثر من 250 صحفياً صرعى أعمال الارهاب وتعديات قوات حكومية أو ميليشيات أو عصابات، ولم نرَ رئيس الحكومة الحالي أو السابق أو الأسبق، ولا أياً من أعضاء حكوماتهم، وهو ينتقل الى موقع الجريمة. آخر الصحفيين الذين سبقوا الزميل الشمري على طريق الشهادة، فراس محمد (قناة الفلوجة) الذي قتل قبل شهرين اثناء العمليات في الانبار، ومهند محمد (رويترز) الذي قتل مع ابنه في تفجير ارهابي في الدورة قبل ثلاثة اشهر، ونورس النعيمي (قناة الموصلية) التي قتلت قبل ثلاثة أشهر أيضاً. هل نُذكّر بهادي المهدي وكامل شياع وقاسم عبد الأمير عجام وسواهم العشرات؟ وهل نُذكّر بتقارير المنظمات الدولية التي تؤكد ان العراق لم يزل يحتل المرتبة الأولى بين الدول التي يفلت فيها قتلة الصحفيين من العقاب؟

أين كان السيد المالكي وادارات الصحف المحتجبة والقنوات التلفزيونية الموالية التي حوّلت المأتم الى عرس شوفيني، عن كل الجرائم البشعة السابقة المرتكبة في حق الصحفيين وسائر المثقفين، بما فيها جرائم الاعتداء عليهم واهانتهم واهدار كرامتهم علناً في وضح النهار على أيدي القوات الأمنية أثناء عملهم في الميدان، وبخاصة لتغطية التظاهرات الشعبية المطالبة بتوفير الخدمات وتحقيق الوعود الانتخابية؟.. أين كان السيد المالكي وادارات الصحف المحتجبة والقنوات الموالية عندما هاجمت قوة ميليشياوية مكاتب إحدى الصحف (الموالية) وهددت العاملين فيها بالقتل؟ لماذا لم نسمع كلمة أو حرفاً من السيد المالكي وادارات هذه الصحف والقنوات ونقابتهم تنديداً بالعدوان السافر ذاك؟

الان فقط يُصبح دم الصحفي ثقيلاً ونفيساً ويغدو السيد المالكي ولي دمه لأن قاتله ضابط كردي أحمق وأرعن، فأريد للجريمة أن تصبح مناسبة لتصفية الحسابات السياسية مع حكومة اقليم كردستان، وللتعبير عن المشاعر الكامنة المشحونة بالكراهية الشوفينية تجاه الكرد؟

السيد المالكي.. كل القتلى مواطنو دولتك، و90 بالمئة في الأقل من قَتَلة الصحفيين وغيرهم عرب مثلك ومثلي.. الا تعرف هذا؟

وأنتم أيها الكرد، شركاء الوطن والنضال ضد دكتاتورياتنا العربية المتوحشة، تقبلوا اعتذاري عما يسعى اليه سياسيون وأتباع لهم من قوميتي العربية لشحن النفوس وحقن الارواح بالضغينة والعداء تجاهكم لأسباب انتخابية وأخرى شوفينية .. هؤلاء لا يمثلونني أنا العربي ولا أحمل عار أفعالهم، مثلما لا يمثلكم المجرم قاتل الزميل الشمري ولا تحملون عار فعلته.

  كتب بتأريخ :  الأحد 23-03-2014     عدد القراء :  5070       عدد التعليقات : 0