الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مهرجان الغثّ والرثّ

بالطبع وبالتأكيد ومن دون ريب أو شك، هذا أوان المباهاة والافتخار وحتى الادعاء، حقاً وباطلاً.. الموسم انتخابي، وفي العادة تحفل مواسم انتخاباتنا بالغث والسمين وبالرثّ والجديد، وتزدهر فيها الاكاذيب والوعود التي لن تتحقق.

لم يجانب رئيس ائتلاف الوطنية اياد علاوي الحقيقة حينما اختار أن يذكّر أمس الأول بمنجزات حكومته (المؤقتة) التي سادت وبادت في غضون سنة واحدة فقط، وهذا ما كان مرسوماً لها. يكفي تلك الحكومة فخراً انها خلّصت الشعب العراقي من اكثر من 80 بالمئة من الديون المهولة التي خلّفها له صدام حسين، وانها أجرت أول انتخابات حرة لمجلس تشريعي (الجمعية الوطنية)، وانها نقلت السلطة إلى الحكومة التالية (الانتقالية) بسلاسة تامة. علاوي لم يحرن ليبقى رئيساً للحكومة كما فعل خليفته إبراهيم الجعفري ( 2006 ) الذي لم "ينطيها" الا بترتيبات خاصة وامتيازات استثنائية، أو كما ثنّى خليفة الجعفري ورفيقه في حزب الدعوة الاسلامية نوري المالكي (2010) الذي لم يشأ أن "ينطيها" ولا يريد الآن أيضاً في ما يبدو.

حكومة الجعفري التي لم تمكث أكثر مما بقيت حكومة علاوي، لم تتشخبط صفحات تاريخها بمنجز يُذكر، فيما اندلعت في عهدها شرارة أول حرب أهلية طائفية في تاريخ العراق، وهي الحرب المتواصلة حتى اليوم.

أما السيد نوري المالكي صاحب الحكومتين اللتين أخذتا من الوقت أربعة أضعاف ما أتيح لحكومتي علاوي والجعفري مجتمعتين، فلا أظنه قادراً على المباهاة والافتخار بشيء، وهذا ما يفسر انه في جولته الانتخابية في المحافظات قد تحدّث بعمومية عن "انجازات" لحكومته، فيما أعطى وقتاً أطول في خطبه لما يوصف شعبياً بـ"سمك بالماي" ، أي وعود المستقبل، كما لو انه ضامن الخلود في السلطة، أو أقله الولاية الثالثة.

كنت أتطلع في هذا الموسم الانتخابي والمهرجان الافتخاري الى أن يعترف السيد علاوي بخطئه وكتلته في بقاء وزرائهما في حكومة المالكي الثانية وعدم التحول الى المعارضة التي هي من أهم مستلزمات الديمقراطية. اعتراف كان ضرورياً حتى لا يعيد التاريخ نفسه في شكل مهزلة بعد الثلاثين من الشهر الحالي. لو فعلها علاوي و"العراقية" لضمنا على الأرجح أن تكون حكومة ما بعد 30 نيسان هي ما يريدها العراقيون الشكّاكون الآن في انتهاء سنيهم العجاف قريباً.

وكنت أرغب أيضاً في أن يعترف السيد المالكي بانه اقترف من الأخطاء وارتكب من الخطايا ما تتفتت من ثقلها الجبال الراسخات، مثلما تفتت نسيج المجتمع العراقي في عهده، فهذا كان سيكون أنفع له ولحزبه ولائتلافه وللعراق والشعب العراقي ومستقبلهما، فالاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتراف بالخطأ يقطع نصف الطريق الى تصحيح الخطأ.

ليس لدى السيد المالكي ما يباهي به وقد تمترس "داعش" الارهابي في حزام بغداد مهدداً العاصمة.. وليس لدى السيد المالكي ما يفخر به وقد أسقط "داعش" الرمادي والفلوجة وبلدات أخرى، وصار صاحب الولاية واللواء في مناطق نينوى وصلاح الدين وديالى، وأصبح رهن اشارته أمر اغلاق وفتح سدود دجلة والفرات وطرق الغرب والشمال!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 15-04-2014     عدد القراء :  6567       عدد التعليقات : 0