الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل يستعيد العبادي الدولة العراقية المفقودة؟

تجمع الأوساط السياسية العراقية على أن رئيس الوزراء الجديد يواجه ركاما من التركة الثقيلة التي خلفها عهد المالكي الذي وصفه حتى المعتدلون بأنه عهد دكتاتوري بالغ السوء. ولهذا يتفق جميع المراقبين على أن حيدر العبادي المكلف بتشكيل الحكومة يحتاج الى إمكانات ومستلزمات كثيرة لكي يخرج بالعراق من النفق المظلم الذي ادخله فيه عهد المالكي، ويتغلب على ابرز المشاكل.. ابرزها سيطرة داعش على %35 من الأراضي، ووجود أكثر من أربعة ملايين مهجر في الداخل، ودمار أكثر من 180 مدينة وقرية في الشمال والوسط نتيجة الحرب الأهلية والقصف والتدمير الذي استخدمته قوات المالكي ضد الأهلين.

يقابل ذلك انهيار البنية التحتية في أغلب تلك المدن، ونزوح السكان الى محافظات لم تعد قادرة على توفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة لهؤلاء. غير أن المشكلة الأكبر التي يواجهها العبادي هي استعادة الدولة المفقودة، فلا يوجد دور لها في جميع أنحاء العراق الآن، لأن مؤسسات الدولة أو الحكومة المحصورة في المنطقة الخضراء وشط بغداد لا يرى لها وجود في الشارع أو في المدن القريبة والقصية، خصوصا تلك التي تدور فيها رحى الحرب الداخلية. تلك المناطق تسيطر عليها الميليشيات الطائفية من كل المذاهب والأنواع، وهي تتحكم بسير الحياة مما يفرض على الأهالي حياة عسيرة جدا. يصاحب ذلك كون المواطنين وطيلة عهد المالكي لم يعودوا يحتكمون في قضاياهم وخلافاتهم الاجتماعية لدى الحكومة ومؤسساتها، إنما يلجؤون الى عشائرهم. واذا كانت القضايا الكبرى المعطلة مثل الخلاف الكردي مع الحكومة المركزية، وانعزال السنة عن الدولة بسبب سياسة الإقصاء التي اتبعها المالكي، وتعطل مسار المصالحة الوطنية والخلل الفادح في نصوص الدستور، وارتباك موازنة الدولة، وانعدام وجود جيش وطني محترف وتفشي الفساد.. فكل هذه القضايا باتت مترابطة ولا حلول عاجلة.

هذا الركام الهائل يحتاج -بحسب مصادر مطلعة- الى تغيير شامل في النهج السياسي والاقتصادي المتبع طيلة 11سنة، وان يمتلك العبادي قدرا كبيرا جدا من الشجاعة لتغيير النهج، بعيدا عن القياسات الحزبية والطائفية، وأن يمارس سياسة انفتاح على جميع الخصوم السياسيين حتى لو كان هذا مرفوضا من قبل أوساط في التحالف الوطني الذي رشحه للرئاسة، أو من قبل ايران التي تسعى للتحكم بمصير العراق لأمد طويل.

وتعتقد المصادر أن برنامج حكومة العبادي يجب ان يقدم خمس مشاكل رئيسية على غيرها، وهي تشكيل حكومة تضم جميع المكونات المهمشة سابقا، وتحرير الأراضي من داعش، وإعادة المهجرين الى مدنهم ومساعدتهم على بناء منازلهم المهدمة، والسعي لبناء جيش قوي مهني، والغاء كل القوانين التي تحجب هوية المواطنة والمشاركة الوطنية على الكثيرين في استعادة الدولة المدنية، وهذا ما يفتح الطريق واسعا للمصالحة الوطنية.

  كتب بتأريخ :  الخميس 14-08-2014     عدد القراء :  2661       عدد التعليقات : 0