الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
التحالف الدولي ضد داعش.. استدراكات مسبقة

في التجربة، وفي ارشيف الدور الامريكي في العراق، ومواقف حلفاء الغرب بالمنطقة، ثمة الكثير مما يستوجب التأني في قبول التعهدات والكلمات الطيبة التي نسمعها. هذا لا يقطع القول ان العراق بحاجة ماسة الى دعم الولايات المتحدة والغرب والمنظمة الدولية لدرء الخطر المحدق بمستقبله على الخارطة، ولا يحول دون النظر الى التغيير النوعي في مجرى الاحداث والالتزامات والتحالفات الدولية الجديدة ضد الارهاب.

فقد كشفت وقائع اجتماعات جدة وباريس حول دعم العراق في مواجهته للتمرد الارهابي المسلح عن جملة من التضاربات، في التصريحات والنوايا والحماس، ويمكن ان نضيف، المصداقية، وذلك بموازاة حقائق ذات مغزى عن استشعار خطر هذا التنظيم من قبل المجتمع الدولي والغالبية الساحقة من الدول والامم المتحدة وجماعات الحقوق والرأي بوصفه تهديدا للسلام والحضارة والتعايش بين الاديان والعقائد، فضلا عن الشعور المتزايد بان هذا التنظيم لا يهدد دولة بعينها بل ويهدد العصر والعالم كله لما يحمله من دعاوى انكفائية واحتراف في تنظيم المذابح واساليب وممارسات لا سابق لبشاعتها.

وبدءا يمكن القول ان البيانات الصادرة عن مؤتمري جدة وباريس وعن اللقاءات الثنائية التي جرت في دول المنطقة حول مخاطر تنظيم الدولة الاسلامية تضمنت الكثير من التأشيرات الايجابية لجدوى التحشد الدولي والاقليمي لقطع الطريق على مشروع الردة الجديد والحيلولة دون أن يكون جزءا من معادلة الامن الاقليمي والترتيبات السياسية في المنطقة، وقد اجمعت هذه التأشيرات على التزام العمل على استئصال هذا المشروع العدواني في العراق وسوريا والعالم، دعويا وسياسيا وعسكريا وإعلاميا.

وبالمقابل، كانت التضاربات بين الكلام والممارسة بارزة في اكثر من مناسبة وقد عبرت عن نفسها في جملة من الشواهد والمواقف، بينها مشاركة دول لم تكن في حقيقة الامر متحمسة للانخراط في عملية كبح داعش، بل انها لا تخفي مراهنتها على استمرار التمرد الاجرامي في العراق وسوريا لتصريف احتقاناتها وازماتها والمعارضات الداخلية المتنامية الى ما وراء الحدود، والى ساحتي العراق وسوريا حصرا، وايضا لإبعاد الشبيبة الناقمة والمهمشة والناشئة على ثقافة التعبد الاعمى والكراهية، بعيدا بترويج الجهاد ضد الكفار، من جهة، ولثني العراق عن ان يستعيد عافيته واستقراره ويرسخ طريق التغيير والبناء السلمي والديمقراطية.

وإذ وقع ممثلو تلك الدول على بيان مؤتمر جدة الذي يسجل بان «رجال اعمال وجمعيات خيرية هي من تقوم بتمويل هذا التنظيم فضلاً عن تورط مسؤولين بتقديم الدعم المالي واللوجستي» فان التقارير الميدانية الاعلامية عرضت خلال العقد الاخير وحتى الى قبيل انعقاد لقاء جدة سلسلة من المعطيات الموثقة، بالصوت والصورة، عن شبكات الدعم اللوجستي والمالي التي تتكرم بها الدول الى التنظيمات الجهادية الارهابية المسلحة، بل ان بعض الوقائع باتت معروفة عن اتصالات وصفقات جرت مع تلك التنظيمات تقضي بتجنب تنظيم اعمال مسلحة في هذه الدول، والسؤال الاستباقي هو، هل ان خيوط التواصل مع داعش والتنظيمات المتطرفة الاخرى ستقطع؟

وينبغي ان نضيف الى ملف التضاربات هذه الايقاعات المترددة في تنفيذ التعهدات، بين ترويج المصالح التجارية للاعبين الكبار في المنطقة والاعتبارات الامنية لدولهم وبين الحديث عن عدالة قضية شعب العراق الذي يتعرض الى مذابح على مدار الساعة على يد مجرمين جاء الآلاف منهم من دول الغرب، عبر الدولة التركية التي تعتبر حليفا راسخا للولايات المتحدة، وتشكل الجبهة الجنوبية للناتو.

تحت البصيرة، منظورات لا تخطؤها العين، عن دول اخرى تبكي على حال العراق بدموع التماسيح.. مع ان التماسيح لا تملك غددا دمعية.

« لا ضير من التردد إذا تلاه الإقدام».

بريخت

  كتب بتأريخ :  الأحد 21-09-2014     عدد القراء :  3666       عدد التعليقات : 0