الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الحلاقة والأرهاب!

كنت وجليل نخوض نقاشا، تواصل بيننا لاكثر من لقاء. كان جليل قد ذكر بأن المجرم الهارب عزت الدوري تباهى عدة مرات بكون تعداد اعضاء حزب البعث العفلقي بلغ سبعة عشر مليونا، ولكن مصادر مراقبة ومطلعة قدرت عددهم باحدى عشر مليونا. فقد كان لحزب البعث قبل الاحتلال الامريكي وسقوط نظام صدام الديكتاتوري، أثنين وعشرين فرعا حزبيا تغطي كل محافظات العراق، وبغداد وحدها كانت تضم ثلاثة فروع. كنا نحاول في حديثنا ان لا نخلط الثمار بالسلة، نحاول ان نفصل بين من اضطر للانضمام شكلياً لحزب البعث حفاظا على حياته وسلامة عائلته، وبين المجرمين والمسعورين الناشطين في الاجهزة الامنية والمخابراتية ومنظمات الطلبة والنساء والشباب وغيرها. وهذه كلها كانت تقوم بمهام أمنية تحكم أنفاس المواطن العراقي وتنغص عليه حياته.

كان التساؤل الذي تكرر في حديثنا، ورددته معنا زوجتي وسكينة : «أين ذهب كل هؤلاء؟». كنا قد توصلنا الى أن أعدادا ليست قليلة من البعثيين، خصوصا من المعروفين والمتورطين في قمع ابناء شعبنا العراقي، تركوا العراق ، وصار كثير منهم «لاجئين سياسيين» في دول الجوار والدول الاوربية، ورفعوا رايات المعارضة للعملية السياسية في العراق. واتفقنا على أن البعثيين عموما لم يتبخروا من ارض العراق. نعم نزعت اعداد غير قليلة منهم الزيتوني ببراعة وأرتدت اللباس المناسب والملائم وتسربت الى مختلف الاحزاب والجمعيات العراقية، وتحايلت بالف حجة وستار على قوانين الاجتثاث والمحاسبة. وعاد بعضهم للواجهة بغطاء قانوني بحراسة آليات نظام المحاصصة الطائفية والاثنية. ومع تعدد الاستعصاءات في العملية السياسية، التي لم تنجح في تحقيق الأمن والمصالحة ولا تنفيذ الوعود للشعب بتوفير الخدمات الضرورية، ومع تراكم الاحتجاجات باشكالها المختلفة، تصاعد دور البعثيين من جديد، خصوصا في المناطق الغربية من البلاد، وصاروا يلعبون على المكشوف واعادوا تنظيم انفسهم لكسب التأييد وتطوير نشاطهم .

كان صديقي الصدوق، أبو سكينة، غير بعيد عنا، يستمع لحديثنا، وأسئلتنا المتقاطعة. وحين تحدثنا عن المعالجات التي يفترض بالحكومة العراقية أعتمادها للحد من نشاط البعثيين ودعمهم لقوى الارهاب ومرتزقة «الدولة الاسلامية»، وما ان تكرر السؤال: أين ذهب البعثيين؟ ضحك ابو سكينة، مد رقبته، ثنى ساقه، واستند الى الحائط القريب، وضحك بخفوت وكأنه يسخر منا : «اسئلتكم ما ينراد لها نقاش طويل وحسبة طويلة، تريدون تعرفون وين صاروا اللي دمروا العراق وكانوا سبب الخراب اللي نعيشه الان ؟ هم بكل بساطة أطلقوا لحاهم وقصروا ثيابهم، وصاروا يتحدثون بأسم الدين ويحللون ويحرمون على كيفهم!

واذا الحكومة الجديدة تريد تحارب الارهاب والدواعش، ما عليها الا ان تحلق للبعثيين لحاهم، وتبذل جهدا لفصل المجرمين عن المغرر بهم، وهؤلاء توظفهم وتسكنهم وتحل بقية مشاكلهم، وتخليهم يعيشون حسب القانون وروح المواطنة !»

  كتب بتأريخ :  الأحد 21-09-2014     عدد القراء :  4041       عدد التعليقات : 0