الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
يوم 14 تموز في مدينة العمارة

وصلت مدينة العمارة يوم 12 تموز 1958 عصراً, قادماً من البصرة, لمراجعة دائرة تجنيدي في قضاء قلعة صالح, ليدرج اسمي ضمن من يشملهم نظام الخدمة المقصورة, خريجو الدراسة الإعدادية فما فوق, حيث لم تكن تشملهم الخدمة الإلزامية في ذلك الوقت. وفي صباح اليوم التالي 13 تموز 1958 ذهبت الى قلعة صالح , وانجزت المعاملة , ثم عدت عصراً الى العمارة , على امل العودة الى البصرة في صباح اليوم التالي . كنت ضيفاً على عائلة صديقي المهندس لفته عامر الحداد الذي لم يكن موجوداً في العمارة في ذلك الوقت , اعدت لي المرحومة والدته فراشاً في باحة الدار الواسعة والمكشوفة .

وفي الصباح الباكر ايقظتني المرحومة " ام سليم " قائلةً  " اكَعد همام , يكَولون صارت ثورة وسقط نوري سعيد " . نهضت كالمجنون , وكنت ألبس سترتي وانا راكض في الطريق باتجاه شارع بغداد والسوق الكبير , حيث مركز المدينة , وهناك في مدخل السوق , قرب سوق الصاغة , وجدت عدداَ من الناس يتجمهرون في مقهى صغير يستمعون الى اذاعة بغداد تذيع بيانات الثورة ونداءات للجماهير لمساندتها.....كان الجمع يتزايد, وما هي إلا لحظات حتى تعالى الهتاف " تحيا الجمهورية , يسقط نظام العملاء ",,,وتحركت التظاهرة شرقاً باتجاه جسر الكحلاء , وتضاعف العدد سريعاً مع الوقت , وبعد عبور جسر الكحلاء الى منطقة الماجدية التحقت الجماهير بها هناك , وتوجهت الى جسر المشرح لتعبره الى منطقة " الدبيسات " حيث يقع موقع العمارة العسكري  . كانت باب المعسكر مفتوحة فدخلت الجموع الى المعسكر . كان الجنود في ساحات التدريب , وما ان شاهدوا الجموع تتدفق داخل المعسكر حتى تركوا التدريب والتحقوا بالتظاهرة . كان الهتاف الرئيس " عاش تضامن الجيش ويَ الشعب " . وامام مقر آمر المعسكر تقدم عددٌ من الرجال , علمت فيما بعد انهم وفد من اللجنة المحلية للحزب الشيوعي في العمارة , تقدموا الى آمر الموقع , ووسط الحماس والهتافات خرج الوفد بالاتفاق التالي :

1- ان ترفع برقية , باسم آمر الموقع لتأييد الثورة والانضمام اليها .

2- ان تتحرك مفارز عسكرية مسلحة للسيطرة على المرافق العامة والدوائر الرسمية لحمايتها

3- ان يكون الحزب وانصاره مسانداً للجيش , والعمل على حفظ النظام

وقد نفذ الرجل الاتفاق بأمانة تامة , وعادت التظاهرة الى شوارع العمارة بينما تحركت مفارز الجيش فوراً للسيطرة على المدينة .

عدت مع المساء متعباً , منفعلاً , متحمساً , على امل العودة الى البصرة في اليوم التالي, وصباحاً فوجئتُ ان المواصلات قد توقفت ذلك اليوم , وانتظرت الى اليوم التالي 16 تموز لأعود الى البصرة فوجدتها شعلة من الحماس والتظاهرات لدعم الثورة وتأييدها , ولقطع الطريق امام رجالات العهد البائد ومحاولاتهم للفرار الى ايران. بعد ايام نظمت اللجنة المحلية للحزب في البصرة تظاهرة كبرى ومنظمة , وبشعارات محددة لتجوب شوارع البصرة الرئيسة , واذكر حين كانت التظاهرة امام مبنى  " المتصرفية " المحافظة , تصاعد هتاف مدوٍّ , " وصانه فهد من مات ثورتنه اشتراكية ", وتصاعد الحماس على اشده مع هذا الهتاف , وخلال لحظات, جاءني الشيوعي الرائع , الرفيق سامي احمد العباس , " ابو وميض " ليقول ( همام , منو رفع هذا الشعار ؟ ) قلت لا اعرف رفيق , أليس من شعارات الحزب ؟ قال : لا , هذا ليس من شعاراتنا اوقفوه حالاً ,,,وتوقف الهتاف سريعاً , ليعود الهتاف الرئيس " عاش تضامن الجيش ويَ الشعب " .

هذه بعض مشاهداتي العيانية في يوم 14 تموز 1958

المجد , كل المجد لثورة 14 تموز الوطنية الخالدة

والمجد والخلود لقائدها البطل عبد الكريم قاسم ورفاقه الميامين الأبطال

  كتب بتأريخ :  الأحد 21-09-2014     عدد القراء :  3933       عدد التعليقات : 0