الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
«الفــجــــر الثــائــر»أخرجها يحيى فائق وضاع نصفها في دهاليز الروتين
بقلم : علي الحسن
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

بغداد – الصباح

"العراق يأكل ابناءه المبدعين" رددت هذه العبارة مرارا، وأنا اتأمل الاهمال والجهل والتجهيل بجهود البناة التنويريين في مشروعنا الثقافي الوطني المعاصر، والادهى من ذلك، ان هذا الامر لايقتصر على فعل المؤسسات الحكومية المتعاقبة، بل تعداه الى المعنيين بالثقافة انفسهم، مازلت اذكر بأسى، استطلاعا كتبته لـ "ملحق فنون" سألت خلاله طلابا في قسم النحت والرسم التابع لاحدى كلياتنا الرصينة، عن جدارية "فائق حسن" فاجابني اكثر من واحد وواحدة، بأنها تقع في منطقة العلاوي، فيما اعتذر آخرون عن معرفتها، ولو اردنا تعداد أسماء علماء ومثقفين اندرست اثارهم وضاعت منجزاتهم، لاحتجنا لمئات الصفحات، فمن يذكر عبد الجبار عبدالله او نوري جعفر او يحيى فائق او حاتم الكعبي او جواد علي، فضلا عن آخرين يمضون بصمت، داخل الوطن او في شتات المنافي، كل ذلك راودني وانا اطلع على ماكتبه المخرج التلفزيوني والسينمائي المغترب د. علاء فائق، على صفحته في شبكة التواصل الاجتماعي، عن تأسيس والده الفنان الرائد يحيى فائق، مع مجموعة من زملائه، فرقة "المسرح الجمهوري" وهي امتداد لاخــرى.. سبقتها، كانت تُعرف بـ "العربية" أنشأها في العام ١٩٣٠ واغلقت بالمرسوم الملكي "رقم ١٩ لعام ١٩٥٤" الذي حظرت بموجبه عشرات  الاحزاب السياسية والجمعيات والنشاطات الاجتماعية والثقافية والفرق الفنية والصحف؛ لمواقفها الوطنية، وحصر المسرح في النوادي الخاصة و المدارس، حتى تفجرت ثورة ١٤ تموز 1958، ومُنحها حق مزاولة اعمالها، على ان  تقدم طلباً للإجازة مع نظامها الداخلي و الهيئة الإدارية المقترحة.

الفني الحديث

في ذلك الزمان البعيد، أجيزت فرق "المسرح الفني الحديث" لأبراهيم جلال و"شباب الطليعة" ترأسها بدري حسون فريد و"الشعبية للتمثيل" لجعفر السعدي و"المسرح الحر" التي تولى ادارتها جاسم العبودي و"١٤ تموز" لاسعد عبد الرزاق، ويستطرد فائق: "في كانون الثاني من العام ١٩٥٩ حصلت "المسرح الجمهوري" على أجازتها، وقدمت اول عمل لها، بعنوان "الفجر الثائر" من تأليف واخراج والدي، وبطولة: عبد المنعم الدروبي وقدري الرومي وغازي التكريتي وغازي الكناني وأُسامة القيسي وفخري رشيد وناصر الزبيدي وصلاح فائق و سيدتان نسيت اسميهما، توقفت احداهما مضطرة بسبب  ضغوط عائلية؛ ما جعل أمي تؤدي دورها بنجاح، وشاركت أنا و أخي موفق وأمير كساب بالتمثيل كأطفال".

ثورة بيدبا

لاينسى مخرج "سمفونية المقابر" تفاني أبيه، وايمانه بالرسالة الفاعلة، لهذا الفن الجميل، وكيف بنى مسرحا صيفيا، على قطعة ارض أجّرتها الفرقة داخل نادي المهداوي, قرب الباب المعظم، مؤكدا: "القاعة تؤجر الى فرق اخرى، في فترات كساد الانتاج، وهذه ليست التجربة الاولى له ببناء مثل هذا المشروع؛ اذ شيد في العام ١٩٤٥ مسرحا في كرادة مريم "السفارة الإيرانية حاليا" عرض فيه رواية "ثورة بيدبا" للفيلسوف الهندي طاغور".

عودة الى "الفجر الثائر" يقول الناشط في منتدى الرافدين للثقافة والفنون: "فكرة الرواية تتناول نضال الشعب العراقي ضد الملكية، من خلال مجموعة من الضباط الاحرار، عزموا على تغير الواقع، بمشاركة شرائح الشعب، منهم: الأم و الزوجة والمثقف والكاتب والعامل والطالب، هؤلاء صنعوا فجرهم الثائر، الذي أدى الى انبلاج نور "١٤ تموز".. الطريف ان والدي صمم وبنى قطع الديكور، بمشاركة الفنان ناصر الزبيدي، نجح العرض الذي استمر اربعة اشهر، مستمدا مادته من قصص حقيقية لرجالات الثورة، لاسيما عبد الكريم قاسم ووصفي طاهر وفاضل المهداوي وغيرهم؛ اذ ربطته بهم اواصر صداقة طفولة وجيرة محلة".

مكابدات

عانى يحيى فائق بحسب قول نجله، من تغطية تكاليف البناء و دفع الاموال، التي استدانها من أصدقائه، واعدا اياهم بردها من وارد العروض.. "الا ان ذلك لم يحصل، لمرتين.. الاولى، هدم المسرح الصيفي بعد ان اشترته السفارة الايرانية، والثانية لاسباب اقتصادية حلت بنا؛ أدت الى تفكيك المسرح الخشبي، وأجهزة الإضاءة، والديكور لتخزن داخل احدى غرف بيتنا، في "الاورفيلة" وهو مقر الفرقة اصلا ..مشكلة اخرى واجهته، متمثلة بنكث نقابات العمال، اتفاقها معه لتقديم عروض خاصة بها؛ لـ "الفجر الثائر" على ان تحصل على ٢٥ بالمئة من إيراداتها، لكنها احتفظت بالمبلغ ولم تعطِه حقه؛ لذا تاخر دفع الايجار، واغلق المسرح وتهدم".

تصنف باكورة "المسرح الجمهوري" ضمن الفن السياسي التحريضي المباشر، الذي تميز به هذ المبدع الشامل، إذ قال د. علاء يحيى: "النص لم يطبع في كتاب، بل كان نسخا عدة باليد، احداها محفوظة في وزارة الشؤون الاجتماعية آنذاك، وفقدت وقتها، وكذا الحال بالنسبة للنسخ الاخرى".

  كتب بتأريخ :  الإثنين 22-09-2014     عدد القراء :  2511       عدد التعليقات : 0