الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الجعفري يسأل وشباب أنا أقرأ يجيبون

في ملحمته "الحرب والسلام" يخبرنا تولستوي أن نابليون كان يردد على مسامع مقربيه أن عيد النصر لقريب ، ظلت الناس تنتظر بيان العيد فإذا بها تقرأ نهاية مأساوية لمغامرات حمقاء.. في كل مرة يكرر الفاشلون أخطاء مَن سبقوهم في الفشل ويرتكبون أفعال الغباء التي يقول عنها تولستوي إنها نتاج أناس لم يقرأوا التاريخ جيدا.. أعود بين الحين والآخر لملحمة تولستوي وأقرأ ما كتبه في الرواية على لسان الجنرال كوتوزوف أن " أكثر المعارك تجري بأوامر من رجال يفتقرون إلى الكثير من المعلومات لنصل إلى النهاية ، الجنود البسطاء هم الذين يقتلون ويقاتلون، فيما الكبار يقرأون الخرائط ويُصدرون الأوامر".

هل يُذكّرنا كلام تولستوي بواحد ممن يعيشون حولنا؟ نعم يذكّرنا بمسؤولينا الأشاوس ممن يريدون أن يفرضوا من خلال عملهم كثيرا من الخراب على حياة الناس معززين بثقافة الجهل والتسلط .

اكتشف العراقيون بعد أحد عشر عاماً من شعارات التوازن الوطني والمظلومية والشرعية أنهم شعب من المهجّرين والمشرّدين ، يقعون تحت رحمة سكاكين داعش وهاونات المليشيات ، شعب يصرّ ساسته على أن البلاد تعيش أزهى عصور التقدم والاستقرار. ألم يخبرنا الجعفري أمس أننا في صعود ؟ هل تريدون المزيد؟ هاكم ماقاله بالأمس بصراحة ووضوح " نحن لا نخجل و لا نخاف مما جرى ! " المزيد أيضا ، صحفنا تنشر على صفحاتها الأولى " بالبنط العريض " في لغة أهل الصحافة " الأمم المتحدة : أكثر من خمسة ملايين عراقي بحاجة إلى مساعدة " هذا بلغة الأرقام الرسمية ، أما بلغة أهل المحن والعوز والفواجع ، فإن ملايين أخرى تعيش تحت حزام الفقر والموت والتشرّد .

في بلد ميزانيته تتجاوز المئة مليار دولار ، لا تسأل كم نسبة البطالة ! إنها وفق الأمم المتحدة أيضا ، ومعها وزارة التخطيط العراقية تجاوزت الـ 40%. لا تتعجبوا ، فقد أخبركم المالكي من قبل أن لا بطالة ولا فقر ولا خوف في عراق " مخاتير العصر " .. فنحن ياسادة ياكرام لا نزال نعيش أعياد النصر التي دائما ما تكون أضحيتها الناس والأوطان ، وتزدهر فيها تجارة خيام المهجّرين وسوق المفخخات وكواتم الصوت !

أيها القارئ العزيز.. عذراً لأنني سأعود من جديد إلى عمّنا المتنبي ، فكلما عجزت عن إيجاد تعابير تساعد في وصف حال هذا الشعب المغلوب على أمره أفتح ديوان العراقي الذي ذُبح بيد أبناء جلدته ، وأردد معه : عيد بأية حال عدت يا عيد؟ تتجدد الأعياد في بقاع الأرض ، إلا هذه البقعة التي نعيش فيها سنوات من الأسى والخوف من المجهول ، كان المتنبي يواجه حاكما فردا متغطرسا ،فإذا بنا اليوم في مواجهة أصحاب المعالي والفخامة والسيادة ، ممن يُمضون أعيادهم وسط مباهج لندن ودبي ، فيما الأمم المتحدة تتضرّع أن يتأخر الشتاء عسى أن يستيقظ ضمير " ساسة الصدفة " لصرخات أطفال الخيام ومشرّدي الموصل والأنبار وتكريت وصلاح الدين فيعقدون جلسة للبرلمان قبل العيد .

عذراً يا أبا الطيب . . العيد سيبقى عيداً برغم ما يتّشح به من سواد ودماء وخراب وخيام تتربع على سارية الوطن.. يبقى هناك الأمل ، وعذرا مضاعفا للسيد الجعفري ، فنحن في صعود حتماً ، ولكن ليس بفضل ساسة مهّدوا الطريق لـ " ابو بكر البغدادي " حين أصرّوا على نشر ثقافة الخوف والقسوة والطائفية ، نحن في ازدهار، لأننا سنُمضي أول أيام العيد في صحبة شباب مرفوعي الجباه ، يستبدلون الركام ، بعالم من الكتب تحت شعار: نحن نقرأ ..إذن نحن عراقيون.

  كتب بتأريخ :  الخميس 02-10-2014     عدد القراء :  3813       عدد التعليقات : 0