الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بصراحة ابن عبود:حجاج الحجر، وملائكة كوباني؟!

عاد الحجيج من بيت الله، بعد ان بحت اصواتهم من الصريخ "لبيك اللهم لبيك"! ناضلوا، وجاهدوا، وحاربوا، ورجموا، الشيطان بحجارتهم، وشتائمهم. ارسلوا صورهم عبر الهاتف الذكي المصنوع في بلاد الكفار، وتبضعوا الهدايا الى عوائلهم، واقاربهم، واصدقائهم. بضائع كلها مصنوعة في "بلاد الشيطان". الشيطان يسكن السعودية منذ الاف السنين، ولم تطرده حجارة الحجاج، لاقبل الاسلام، ولا بعده. كل عام يتكرر الدعاء الى الله في بيته، ان ينصر المسلمين، ويعيد فلسطين. يبدو ان الله يصم اذانه عن هذا الدعاء، او هو مصاب بالصمم اصلا. يدعون الى الرحمة، والتعاطف، والالفه، والتسامح، ويرتفع علم داعش على رؤوس الحجاج. بعد كل هذه المراسيم الوثنية تعود الاغلبية من الحرامية، والقتلة، والنصابين، والفاسدين، والارهابيين، وغيرهم مع قلة بائسة من الصادقين، فرحين مبتشرين بغفران الله عن ذنوبهم. يعودون بسرعة لارتكاب خطايا، ومعصيات جديدة تحضيرا للحج في السنة القادمة طلبا للمغفرة.

عادوا ليحتفلوا بالعيد، فتقام الافراح، والمسرات، والتباهي بالملابس الجديدة المستوردة من بلاد الكفار. عادوا لبيوتهم، وخيبتهم، وفلسطين لم تعد. يقيمون، الامسيات الغنائية، والحفلات الراقصة، وتذبح الخراف اضحية/ قربانا لله. تنطلق الزغاريد من حناجر مبحوحة، والرصاص من بنادقهم، او رشاشاتهم المستوردة من "اعداء الاسلام"! يطلقون الالعاب النارية "الصينية الملحدة"، في حين يذبح ابنائهم، اخوتهم في الدين، والانسانية، والوطن، والقومية، والمذهب في تكريت، والموصل، والانبار، والفلوجة، وسهل نينوى، وسنجار، وشنگال، والضلوعية، والرقة، وكوباني البطلة. تسبى نساءهم، وتباع بناتهم، وتغتصب اخواتهم، وهم يلقون الدنانير على رؤوس الساقطات، ويصفقون للمطربات الهابطات.

عندما كان الحجاج يتسكعون في شوارع مكة القديمة، والحديثة، ويدورون حول الكعبة المغطاة بقماش حيك، ونسج بيد الكفار في الصين، او الهند، او اليابان، او كوريا، ويرتدون الاكفان البيضاء. في نفس الوقت امتشقت النسوة الكرديات السلاح. ودعن ابنائهن، واحبائهن، ورحن يطفن بين الجبال، والوديان، يحجن الى كرامة اهلهن، ويسعين حول قراهن المغتصبة، ويدرن على اطراف مرابعهن المحتلة. لم يصرخن "وامعتصماه"! فهن يعرفن ان كل الحاكمين بامر الله صم بكم مثل الحجر الاسود، لا يسمعون الصوت، ولا يجيبون النداء! كلهم مخصيون فلا ضرورة لنخوة رجولتهم. كلهم عملاء فلا داعي لاستنهاض هممهم، كلهم بلا كرامة، فلا معنى للانتخاء بهم. كلهم "ابناء عواهر"، كما وصفهم مظفر النواب.

في وقت قام الحجيج، وزعمائهم الى موائدهم العامرة، توجهت المرأة الكردية، والايزيدية، والمسيحية، المشردة، والمحاصرة، الى حج النضال، وشربت الكرديات من كا باني كأس الشهادة، والاستبسال. قاتلن بسلاحهن، وقتلن باجسادهن المفخخة اكثر بكثير مما قتلته الفضائيات العراقية بكذب دعايتها. شاهدنا جثث المغول المتعفنة، بعكس ما رأينا من هزيمة القادة، والجنرالات، والالوية المدججة بالسلاح، والمليارات المهدورة عبثا، والمدن والمواقع المتساقطة امام زحف رعاع داعش. لقد غسلن بدمائهن خزي الانظمة المتهرئة، والقادة الجبناء. لقد هبت نساء البيشمرگة لتوفير وسائل النصر. لم تطلبها من حجر اصم، ولا زعيم يحتمي بقصره، ويتوسل بالاجنبي لحمايته. لقد عرفت كيف تدافع عن ارضها، واهلها، وكرامتها، وشرفها مثلما دافعت زنوبيا عن تدمر. الفتيات المناضلات، البطلات، الجسورات مع اخوتهن من كوباني، وشنگال صنعن ستالينغراد جديدة. لقد غنى الكثير، وانشد، ونظم القصائد عن معركة "الكرامة". لكن كرامة سوريا، كرامة العراق، كرامة المنطقة، كرامة العرب، كرامة الاكراد، كرامة المسيحيين، كرامة الايزيديين، كرامة المسلمين سطرتها، ورفعتها نساء من كوباني. نساء سافرات "مفرعات" بملابس حديثة، وهامات عالية، وروح حديدية، وارادة صلبة مثل جبالهن. لقد سحبن العنقاء من تحت الرماد. الاسطورة تتحول الى حقيقة. الخيال السينمائي يتجسد على الواقع. نجوم في سماء الوطن، وثرى الارض، وخنادق القتال،لا على الشاشات البيضاء، او وراء الميكروفونات، او خلف اسوار القصور، او شعارات الادعاء.

في العام القادم ستظهر كعبة جديدة يحج اليها الشرفاء، هي اضرحة البطلات من كوباني، سترتفع ارض مقدسة يسعى اليها كل القديسين هي مدينة الابطال والبطلات الصامدة بوجه الحصار الداعشي، والتواطئ التركي الامريكي البريطاني.

اذهبوا في السنة القادمة، الى اراضي سارق الحرمين، واصرخوا نصف عراة، كسكان الكهوف، كلصوص الليل، واطلبوا الغفران لذنوبكم! اذهبوا وحدكم! حجوا لصخرتكم! اما بقية العالم فستحج، وتصرخ، تطلب العفو، والسماح، والغفران عند اقدام الشهيدات، والشهداء. وتراب احذيتهن، واحذيتهم يتحول الى "تربة" لصلاة الصادقين.

تبا على مسعاكم المنافق، وقدسا احذية جيلان اوزآلب( بيرفان ساسن)!

مع الاعتذار لكل بسطاء المسلمين المؤمنين الصادقين المغلوبين على امرهم!

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 15-10-2014     عدد القراء :  3558       عدد التعليقات : 0