الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سلاماً يا بغـداد

سلاماً يا بغداد، أيتها المدينة المغلوبة على أمرها، المخدوعة حين اعتقدت أنّ حكّامها سينظرون إليها باعتبارها سيدة المدن، فيما هم مصرّون على أن تعيش جارية في بلاط دول الجوار!

سلاماً يا أم العراقيين وأنت تعيشين في ظل مسؤولين يجعلون من الحق جريمة، يَعدُون ولا يوفون، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، يحاربون بكل ما أُوتوا من أجهزة قمع للدفاع عن قيم التخلف والظلام والطائفية .

سلاماً يا بغداد وأنتِ تنظرين كل يوم إلى وجوه ساسة نامت ضمائرهم وشبعت نوماً، سياسيون بعقول متحجّرة من الماضي، منفصلون عن أحلامك، يفتحون أبواب خزائنك أمام السُّرّاق والمزوّرين والانتهازيين.

سلاماً أيتها المدينة يا شبيهتنا في الأسى، اليوم أنتِ وأبناؤك وجوهكم شاحبة ومتعبة، مسكونة بتجاعيد الخوف من المستقبل، والسبب سياسيّو الصدفة الذين سرقوا أحلامك وأحلامنا، وجعلوا منك رهينة بيد مجموعة من الانتهازيين والمتسلّقين والقافزين فوق سطح التغيير بمنتهى الخفّة.

سلاماً يا أُم الحضارات فقد كنتِ مثلنا مخدوعة حين تصورت أنّ الديمقراطية ستقدّم إليك ساسة يبدعون في الإعمار وإدارة شؤون البلاد أكثر من إبداعهم في فنون السرقة واللعب على الحبال، كنتِ مثلنا مخدوعة حين اعتقدتِ أنّ الذين جاءوا باسم المحرومين والمظلومين لن يتحوّلوا بين ليلة وضحاها إلى أغنى الأغنياء، صَدَّعوا رؤوسنا بخطب عن دولة العدل فيما هم ينتهكون العدالة في وضح النهار!

سلاماً يا بغداد وأنتِ تبتسمين لأبنائك وهم يخرجون إلى الحياة برغم كل المصائب مصرّين على القفز إلى المستقبل وليس إلى الموت.

سلاماً يا أم العراق وأنتِ ترفعين كل يوم شعار "دعوا أبنائي يعيشوا".. فقد كنتِ وما زلتِ وستبقين ضد أُمراء الحروب، ضدهم جميعا، مهما كانت مواقفهم ومبرراتهم.

سلاماً يا بغداد ستبقين معنا ونبقى معك، سنحميك وتحمينا، نمنع عنك الموت وتمنعين عنا الأسى، صباح الحياة يا أم العراق، ستبقين عصيّة على جلّاديك، المصرّين على فرض العتمة والخراب وتحويل العراق إلى قبر جماعي.

سلاماً يا مدينتي وأنتِ تتّشحين بالسواد والصمت، لكنك ترفضين أن تنزلقي نحو عصور الظلام والعتمة! وتصرّين على أن تتنافس فيك الأحلام والآمال.

سلاماً يا أم العراق وأنتِ تعبقين بألوان جواد سليم وعطا صبري وفرج عبو وفائق حسن وفتاح الترك ، سلاماً يا مدينةً بألوان من قوس قزح، تغنّى بها ولها عبد الوهاب وأُم كلثوم وفريد الأطرش وفائزة أحمد وتولـَّه فيها عشقاً القبانجي وسليمة مراد وزكية جورج ،ولم يكن يدور بخُلد هؤلاء أن يصرّ البعض على أن يجعلوا منكِ داراً للآخرة بعد أن كنتِ حاضرةً للدنيا.

سلاماً يا مدينتي فقد توحّدنا فيك، ذُبنا في شوارعك وحيطان بيوت الحيدرخانة والأعظمية والشعلة والكاظمية، فقد صرتِ اسمنا وعنواننا والمهنة التي لا نجيد سواها.

سلاماً يا مدينتي ، ستنتصرين حتماً وننتصر معك على كل منتفعي السياسة وأمراء الحروب وجرذان (داعش)، لأننا مصرّون على أن نتقاسم معك رغيف الحياة.

سلاماً يا مدينتي وأنتِ تقدّمين كل يوم قرابين من أبنائك ضحيةً لعقول متحجّرة.

سلاماً يا بغداد، كلانا سينتصر في النهاية، فبغداد الكرملي وغائب طعمة فرمان والكاظمي والجادرجي وكوركيس عواد وسليمة مراد وساسون حسقيل والبياتي لن تتحول إلى إمارة من إمارات الظلام، وسنظلّ نغنّي مع القبانجي:

سلامٌ على دار السلام جزيلُ ...... وعتبى على أنّ العتاب طويلُ

أبغداد لا أهوى سواك مدينةً ...... ومالي عن أُمّ العـــــــــراق بديلُ

رعى الله صحبي في الرصافة أنهم بقلبي على بُعدِ الديار نزولُ

وفي الكرخ أهلٌ لا أودّ فراقهم ولا شاقني عنهم هوىً وخليلُ

فيا أبناء مدينتي الطيبين، أنصتوا إلى خفقات قلوبكم ، ففي النهاية أنتم المنتصرون.

  كتب بتأريخ :  الخميس 16-10-2014     عدد القراء :  4053       عدد التعليقات : 0