الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
\"ووه\" الكوري وواويتنا!

"ووه"، هو واحد من أكثر من 42 مليون نسمة هم سكان كوريا الجنوبية، ومن المفترض انه ليس الوحيد في بلاده بهذا الاسم، فلابدّ ان عشرات الآلاف وربما مئات الآلاف يشاطرونه اسمه، كما هي الحال بالنسبة لأسماء محمد أو علي أو عبد الله عندنا.

مع ذلك فان "ووه" هذا طبقت شهرته الآفاق في بلاده والعالم كله في الأيام الأخيرة ليتردد اسمه على الكثير من الألسنة وعلى صفحات الكثير من الصحف، والسبب يرجع الى إقدامه على الانتحار.. في كوريا الجنوبية والعالم كله ينتحر العشرات من الناس يومياً ولا أحد خارج حدود مدنهم يأتي على ذكرهم، لكن سبب انتحار "ووه" هذا هو ما جعل اسمه متداولاً في الإعلام.

والسيد "ووه" قبل أن ينتحر كان موظفاً لدى السلطات المحلية في مدينة سونغام القريبة من العاصمة سول، وكُلّف بالمسؤولية عن الأمن لحفل موسيقي أقيم في الهواء الطلق يوم الجمعة الماضي في مدينته. ومن سوء حظه انه اثناء الحفل انهارت منظومة تهوية كان بعض الجمهور يتمسك بها وهو يتابع وقائع الحفل. الحادث تسبّب في مقتل 16 شخصاً وإصابة 9 آخرين بجروح خطيرة.

السيد "ووه" لا يتحمل المسؤولية بالطبع عن تصرف بعض الجمهور الذي أدى الى الحادث الفاجع، لكنه فيما يبدو فكّر بطريقة مختلفة .. رأى ان المسؤولية تقع بالكامل على عاتقه لأنه لم

يتنبه مسبقاً الى احتمال حدوث ما حدث، وانه لم يتخذ الاجراءات اللازمة للحؤول دون حدوث ما حدث، وعلى هذا الأساس تصرف لاحقاً.

ولاحقاً، بعد ان استجوبته الشرطة بشأن الحادث، صعد الراحل "ووه" الى أعلى مبنى قريب ورمى بنفسه الى الأرض ليلقى حتفه، وقبل ذلك بلحظات بعث الى زوجته برسالة تلفونية قال فيها "تؤسفني وفاة هؤلاء الأشخاص. أرجو منك ان تعتني بالأطفال".

كيف نصف هذا الرجل؟. الأكيد ان ما فعله بنفسه غير صحيح والقرار الذي أدى الى ذلك غير سديد، لكن لا يمكن الا القول في حق الرجل انه كان شهماً وشريفاً وذا ضمير، لانه لم يبحث عن ذريعة للجزء الصغير المتعلق به من المسؤولية عن الحادث الذي جعل الحفل الموسيقي ينتهي نهاية مأساوية.

طيب، اذا كان السيد "ووه"، وهو على الأرجح بوذي، شهماً وشريفاً وذا ضمير، فكيف نصف مسؤولي دولتنا، المسلمين، الذين تسببوا، ويتسبب بعضهم حتى الآن، في مصرع مئات الآلاف من الناس الأبرياء الذين لم يرتكبوا خطأ كالخطأ الذي ارتكبه بعض حضور الحفل الموسيقي الكوري الجنوبي؟

مئات الآلاف من العراقيين ماتوا بسبب الفساد المالي والاداري في مؤسسات الأمن والجيش وسائر دوائر الدولة.. مئات الآلاف غيرهم ماتوا بسبب قرارات خاطئة من قادة عسكريين وأمنيين وسياسيين، آخرها قرار الانسحاب العسكري من الموصل الذي أدى الى وقوع كارثة سبايكر وسواها، ومع ذلك لم يلطم صدره أو رأسه أحد ممن يتحملون المسؤولية كاملة غير منقوصة عن ذلك، بل لم يعتذر أي منهم عما ارتكبه من أخطاء مهلكة ومدمرة!

أفيدونا رجاءّ.. هل بين هؤلاء المسؤولين، الواوية، مَنْ هو شهم وشريف وذو ضمير كالسيد الكوري الجنوبي "ووه"؟

  كتب بتأريخ :  الإثنين 20-10-2014     عدد القراء :  2967       عدد التعليقات : 0