الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
خمسينية العبادي

اعتاد الإعلاميون في الدول الغربية أن يراجعوا إنجازات أو اخفاقات رئيس البلاد الجديد أو الحكومة الجديدة ورئيسها بعد مئة يوم من توليهم السلطة، عادّين هذه المدة كافية، في ظل السلم الأهلي الراسخ والاستقرار الوطيد، لتحديد ملامح الحقبة الجديدة من تاريخ البلاد تحت إدارة الرئيس الجديد أو الحكومة الجديدة ورئيسها، ولتقديم النصح في وقت مبكر إذا ما ظهرت علامات على سياسات غير محمودة.

نحن بلاد مضطربة للغاية، أمورها تجري في الغالب على نحو مقلوب أو معكوس، ليس فقط بسبب التركة الثقيلة لأربعة عقود من الدكتاتورية العاتية وحروب الدمار الشامل، وإنما أيضاً نتيجة للأخطاء الشنيعة المرتكبة في العهد الجديد الذي كنّا نتطلع لأن يكون خلاصنا من المحنة المديدة فإذا به يضاعف من ثقل التركة.

ربما احتجنا الى ستة أشهر في الأقل لكي نجاري الإعلام الغربي في مراجعة عمل حكومة حيدر العبادي التي كان مخاضها عسيراً ولم يُعلن تشكيلها الا في آخر ساعة من آخر يوم من المهلة الدستورية، ولم يكتمل التشكيل الا في اليوم الأربعين بعد إعلانه.

اليوم يكون قد مرّ خمسون يوماً على تشكيل حكومتنا الجديدة. الأمد قصير والظروف في غاية الصعوبة، ومع ذلك وكما "المكتوب يُقرأ من عنوانه" بوسعنا الإحالة مجدداً الى المزيد من الإشارات الحسنة القادمة من رئيس هذه الحكومة، مما يعزّز الأمل بأداء حكومي مختلف يتناسب مع التحديات القائمة ويُمكنه إعادة جريان الأمور في الاتجاه الصحيح غير المقلوب غير المعكوس.

في مرات سابقة نوهتُ بالإشارات الطيبة الأولى، ومنها على سبيل المثال إلغاء ما كان دولة داخل الدولة، وهو مكتب القائد العام، والمؤتمر الصحفي اليومي للناطق باسم المكتب، والتخلي عن بدعة حديث الأربعاء. والآن يمكن القول بثقة ان السيد العبادي يُظهر العزم على السعي للعمل بروح المؤسسة وتقاليدها وبما يعزز الاحترام لمؤسسة رئاسة الحكومة في دولتنا.

في الاسبوع الماضي كانت هناك إشارتان جديدتان مهمتان، الأولى ان السيد العبادي عندما زار الزعيم الايراني علي خامنئي في طهران لم ينزع ربطة عنقه كما درج على الفعل مسؤولو دولتنا السابقون وبعض الحاليين.. السيد العبادي أظهر بذلك انه لا ينافق وانه يتصرف بوصفه رئيس الحكومة العراقية الذي لا تعنيه في شيء قوانين الدولة الايرانية وتقاليدها، ومنها تحريم لبس ربطة العنق.

الإشارة الثانية هي اختيار السيد العبادي متحدثاً باسم الحكومة زميلاً إعلامياً محترفاً ومعروفاً في الأوساط الاعلامية المحلية والاجنبية، فضلاً عن الاوساط السياسية، ويحظى بالسمعة الطيبة، وهو من الاعلاميين المشهود لهم بالكفاءة والمهنية.. هذه الإشارة تُكمل الإشارة السابقة باختيار السيد العبادي شخصية كفوءة ومهنية أيضاً لإدارة مكتب رئيس الحكومة، هو الدكتور مهدي العلاق.. هذا كله يفتح باب التكهن بأن السيد العبادي يتصرف تصرف رجل الدولة الذي يعوّل على الكفاءة والخبرة في اختيار مساعديه.. ولابدّ من التكهن أيضاً بانه لو ترك الخيار له في تعيين أعضاء الحكومة لاختار الكفاءات بديلاً عن هؤلاء الذين عيّنتهم الأحزاب والجماعات السياسية لاعتبارات حزبية وشخصية وعشائرية في المقام الأول.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 27-10-2014     عدد القراء :  3027       عدد التعليقات : 0