الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حكومة العبادي فوق صفيح الاحداث الساخنة

يمثل الاتفاق الاخير في مجلس النواب والتصويت على وزيري الدفاع والداخلية ، واداء الوزراء الكرد قسم التنصيب ، واكتمال توزيع الحقائب الوزارية ، والتوجه الى الاتفاق على توزيع اللجان بين الكتل والقوائم المشاركة في المجلس ، خطوة ايجابية كبيرة في التوافق بين الكتل و الاحزاب السياسية وجماهيرها من ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه والوانه المذهبية والقومية والاثنية والسياسية .

لا أحد ينسى ان تشكيل حكومة العبادي جاء بالتوافق واثر فشل حكومة المالكي في تحقيق البرنامج المطلوب، وقد تعرضت الى طعون كثيرة بعضها حق وبعضها فرضته ظروف استثنائية كان اصعبها هجوم داعش واحتلال الموصل بين ليلة وضحاها مما كشف ظهر الحكومة التي لم تستطع تسمية وزيري الدفاع و الداخلية طيلة السنوات التي امضتها في الحكم ، فظلت تلك العقدة تنهش في قلب الحكومة التي لم يستطع المالكي ولا رجاله سواء في مكتب القائد العام او في كتلته / دولة القانون/ النهوض بها ، لقصور كبير في امكانات اغلبهم ، القصور في الاداء الاداري لقلة تجربتهم ، والقصور في الكفاءة التي يفتقدونها بسبب حصولهم على المناصب من خلال الكتلة او الحزب او القرابة او النسب ... الخ.

رحبت مختلف القوى باداء العبادي خلال الاشهر القليلة الماضية التي تسلم فيها رئاسة الوزراء ، ولكن الملاحظ ان الطاقم الوزاري القديم تبادل المواقع ، وتقاسم الوزراء القدماء المناصب الجديدة وفق قاعدة هذه لك وتلك لابن عمي ، فنجد البعض من الوزراء احتل ادارة اكثر من وزراة خلال العشرة سنوات الماضية لا لكفاءة الا اللهم لانه صاحب الكتلة الفلانية او نسيب الحكومة او ابن عم السلطان ، مما يقدم صورة قاتمة لمستقبل تلك الوزارات التي لا تراعي المقاييس الحتمية للتغيير ، فالزمن يتغير والعراق بحاجة الى دماء جديدة تقود الوزارات والمؤسسات ، ولا فائدة من بقاء الاطقم القديمة المعتقة في مواقعها ، فالخيول الهرمة لا تكسب السباق كما يقول المثل ، لذلك يتعين على العبادي اخذ زمام المبادرة وتغيير اي وزير يثبت فشله ، واي مدير يثبت فساده ، فكما اعلن مؤخرا ان رئيس الوزراء العبادي طالب وزراءه بتقديم منجزاتهم بعد مائة يوم من تسلم السلطة كي يرى الخطوات الجادة التي قطعها الوزير في ادارته ، وتلك خطوة نأمل ان تكون جادة لا مجرد بهرجة وزخرفة تلقي عباءة من حرير على الوزير او وزارته فتخفي العاهات التي تعاني منها الوزارات ، الظاهرة التي باتت مكشوفة من خلال الفشل الذريع في انجاز المشاريع ، فهي مشاريع على الورق فقط ، وانجازات زخرفية لا تغني ولا تسمن دون خطة مدروسة من قبل اصحاب الاختصاص ، وانما مشاريع لاجل نهب اكبر قدر من الاموال في اسرع وقت .

ان مقتل العمل الاداري هو الفساد والرشوة التي استشرت في العراق منذ عقود ، واصبحت قانونا يتبعه الحاكم والمحكوم دون حياء او خجل ، فعم الفساد وضرب اطنابه في ثنايا الوزارات وعشعش في جيوب الوزراء والمدراء والهيئات والمؤسسات المالية .

ومن الجديد بالذكر ملاحظة هبوط اسعار النفط ، والتي قد تستمر في الهبوط حتى تصل دون الثمانين دولارا للبرميل الواحد، لتحد من القوة الاقتصادية للدول النفطية وعلى رأسها روسيا والسعودية وطهران ، اضافة الى الحرب ضد داعش التي تأكل الملايين تلو الملايين من الدولارات والتي ستأتي على الاحتياطي العراقي الذي هو في الاصل ضئيل المقدار ، فالحكومات السابقة لم تحسب اي حساب ليوم تشح فيه ايرادات النفط، بل كان هـمَ المسؤولين الحصول على الملايين وتحويلها لحساباتهم في الخارج من اجل شراء الفلل في الغرب الكافر والمشاريع في الخليج الـ ( زرق ورق ).

ان هذه الازمة النفطية سوف تحتم على حكومة العبادي النظر بعيدا ، وشد الاحزمة على البطون، فالازمات الاقتصادية سوف تعصف بالقليل من الموارد المتبقية والتي يجب الحرص على صرفها ، وعدم السماح بالتلاعب باي مبلغ مهما كان قليلا ، واعادة النظر في المشاريع الشكلية ، ووضع خطة محكمة لتنفيذ المشاريع الاساسية ، والعناية بالسكن والماء والكهرباء والبطاقة التموينية بالدرجة الاولى ، وفتح الباب امام الاستثمارات في المدن المستقرة الامنة ، والتشديد على المسؤولين بتقديم التسهيلات للمشاريع الانمائية الاستثمارية وعدم السماح بالعبث بالقوانين او تعاطي الرشوة والفساد في الاستثمار وفي مفاصل العمل الاداري والمالي .

كما نلاحظ ازدياد اعداد المواطنين النازحين من مدنهم وقراهم ، وتهجير الاف العراقيين ابناء المدن والقرى التي تعرضت للاعمال الارهابية الاجرامية على ايدي العصابات الهمجية المتخلفة ، واصبحت اعداد المهجرين والنازحين تقدر باكثر من مليوني مواطن داخل العراق ، عدا المهجرين في اقليم كردستان ويقدر عددهم باكثر من مليون مواطن ايضا ، ان جميع هؤلاء النازحين والمهجرين يعيشون في اجواء مأساوية ، فالشتاء يحيط بهم واغلبهم يتعرض الان الى البرد والمطر والجوع والعطش ، لذلك نرى تشكيل لجان في جميع المحافظات ، لجان من المتطوعين الذين يستطيعون تقديم الخدمات الانسانية لهؤلاء النازحين والمهجرين، ولا بأس من الاستعانة بالعراقيين المقيمين خارج العراق وعلى الاخص في دول اوربا ، فالكثير منهم على استعداد للمساهمة في تخفيف معاناة ابناء وطنهم ، سواء بالتبرع بالمواد العينية من ملابس وادوية واغذية وغير ذلك ، الى جمع التبرعات المالية التي يجب ان تذهب الى ايدي امينة تصرفها على الاوجه الانسانية للمواطنين المحتاجين اليها .

ان ما ينتظر حكومة العبادي ليس نزهة ولا مزحة ، فالعراق يعاني من اشكالات حقيقية ، اجتماعية / اقتصادية ، عسكرية، وسياسية ، وهو ما يتطلب العمل الجاد والسعي المتواصل لتحقيق خطوات ثابته نحو الامام.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 28-10-2014     عدد القراء :  3867       عدد التعليقات : 0