الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
إعادة أنتاج هيكلية المحاصصة

النزول إلى ماء النهر يبدو للوهلة الأولى مخيفا ومحاطا بجملة من النتائج غير المتوقعة، مادامت حالة المجهول هي التي تتحكم بكل تفاصيل المفاجآت التي قد تحدث. ولكن بعد أن تبتل القدمان تتضح بشكل جلي الخطورة من عدمها، وعند انعدامها (أي الخطورة) تستطيع أن ترسم ملامح فرحك على شرفة نافذة الأمل الذي وضعته نصب عينيك حين تراءت لك بارقة التغيير المرتقب، ونشرت تهاليل ذلك الفرح على سطوح المنازل في غفلة من إيمانك الساذج بالحكام. ويبدو أن للسذاجة في روحك أكثر من منفذ، حتى ظننت أن القادم لا بد وأن يكون هو الأفضل ونسيت أو تناسيت عندها عبارة يرددها الأقدمون عند تحديد مسار أي حدث (أخذ فالهه من أطفالهه). وفألها كان هذه المرة من عربة رئاسة البرلمان حيث تم عندها أعادة أنتاج التحاصص، رغم محاولة البعض إضفاء تعددية من خلال ترشيح أنفسهم، وجاءت الصدمة الثانية في الإعلان عن التحاصص على رئاسة الجمهورية، حتى جاءت الثالثة في تحاصص رئيس الوزراء ونوابه وامتدت إلى الوزراء أنفسهم، عند ذلك اتضحت معالم الصورة كاملة، فكان الصمت سيد الموقف لا سيما وداعش بدأت تمتد أذرعها إلى رقاب جميع العراقيين.

«2»

الصمت كائن من حجر، أحيانا يرسم ملامحه العابرون عليه، وهو في شغل دائم عن الجميع. ولكن حين تتحرك أوصاله وتدب الحياة في ملامحه يتحول إلى هالة من الدخان الأسود، فيصرخ في حروف الكلمات التي لا تقال لكي يبرهن على مقولة مبتكرة ومحورة: أنا أصمت إذن أنا موجود!!

«3»

عبر كل مسارات التاريخ كانت للصمت مكانة يعبر من خلالها عن الحكمة، وكان أحيانا يعبر فيه عن الزهد في الكلام، وهو حقا من معدن نادر، ولكن في حالتنا العراقية ليس للصمت غير عنوان واحد هو القبول بما حدث وما سوف يحدث. وحسنا نزع ملابسه في الآونة الأخيرة وعبر إلى الضفة الأخرى وصرخ بأعلى صوته كلا لإعادة إنتاج هيكلية المحاصصة.

«4»

إعادة أنتاج هيكلية المحاصصة ترسم ملامحها إجراءات جديدة، وأول هذه الإجراءات تأخذ بعدا قانونيا وذلك عبر تشكيل مجلس من الأحزاب المتنفذة ينظر في توزيع الدرجات الوظيفية الخاصة بين هذه الأحزاب. ولابد أن تمتد أذرع هذا المجلس لتصل في مسعاها التحاصصي لتوظيف حتى المستخدمين وفق النسب المحددة لهذه الأحزاب!!

«5»

ليس لهذا العراق غير أن ينتظر أكثر من «داعش» وبأشكال متعددة، لكي ينفض الصمت- الكسل عن ملابسه ويصرخ عبر نافذة الأمل أن المحاصصة والفساد حاضنتان طبيعيتان لنشوء داعش في كل يوم.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 29-10-2014     عدد القراء :  2802       عدد التعليقات : 0