الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
فاصل مثير على شاشة \"التوازن الطائفي\"

فيما يبدأ التونسيون التساؤل بشأن تقييم مرحلة حزب النهضة الإسلامي، تدخل بلاد الرافدين مرحلة التوازن الطائفي في توزيع المناصب، فقد نقلت إلينا الأنباء"المُفرحة"أمس أن" المناصب الثانوية، والهيئات المستقلة، ووكلاء الوزراء، والمدراء العامين، ستدخل في جدولة المحاصصة أيضا، مصحوبة بمبدأ التوازن الذي نصت عليه وثيقة الاتفاق الموقّعة قبيل تشكيل الحكومة".

أحد عشر عاماً لم نسمع خلالها سوى بيانات ومؤتمرات تندد بالطائفية وتشتم الطائفيين، وكلما أمعنوا في الكلام عن دولة العدالة الاجتماعية والمساواة التي سيعيشها الناس على أيديهم، كانت المصائب والمآسي تصبّ على رؤوس العراقيين، لنصحوَ جميعاً على دولة يعبث فيها فساداً أمراء الطوائف.

وسيسأل سائل ما الضير من أن تتوزع المناصب بالتساوي؟ أليست هذه الديمقراطية التي تتحدثون بها وتكتبون عنها؟ وسأقول إن كل ممارسة سياسية وطنية أمر مرحّب به ما دامت لا تستخدم العنف طريقاً للاستحواذ على السلطة ، لكنّ المطلوب أولاً وثانياً وثالثاً، أن تبنى البلاد على أرضية وطنية خالصة، لا على مربّعات وخنادق طائفية.

بعد عقود من الديكتاتوريات والتخلـُّف والفقر أصرت الأورغواي على أن تحدد فترة حكم الرئيس بأربع سنوات، وشاهد العالم قبل ايام أفقر رئيس على وجه الكرة الأرضية بسيارته موديل 1987 ينتقل من بيته الكائن في واحدة من أفقر مناطق الأورغواي ، إلى أحد المراكز الانتخابية يُدلي بصوته وحين يسأله الصحفيون ماذا ستفعل؟ يُجيب موخيكا، مبتسماً:" أريد راحة البال والاستمتاع بوقتي في صيد السمك وبيعه على المزارعين إنها مهنة أجمل وألطف من مهنة رئيس جمهورية."

رؤساء الديمقراطيات الحقيقية لا يستطيعون أن يصرفوا دولارا واحداً خارج الراتب المخصص لهم، المال هناك ملك الدولة ومؤسساتها، لا ملك رئيس مجلس الوزراء ومقربيه. والرئيس الفرنسي شيراك قُدّم إلى المحاكمة،لأنه منح أشخاصاً يعملون في حزبه رواتب من بلدية باريس أيام كان رئيسها، فيما عمدة بغداد نعيم عبعوب يوظّف ميزانية العاصمة لطباعة كتب تتحدث عن مسيرته الجهادية!

كان المواطن العراقي يحلم بأن تُصبح البلاد للجميع لا لأبناء"دولة القانون.. وكانت الناس تعتقد أن قادتها يخافون الله، مثلما يخافون على سمعة العراق وكرامته، فإذا بهم يكتشفون أنّ مسؤوليهم وساستهم يخافون على سمعة دول الجوار أكثر وأكثر.

هناك قادة يختارون طريق السعادة وبناء المستقبل، ولهذا اصبحت سنغافورة التي بلا موارد نفطية ، واحدة من أغنى بلدان العالم، وودّع مئات الملايين في البرازيل زمن الجوع والفوضى والفقر في ثماني سنوات فقط، هل يمكن أن نمسح من الأرشيف صورة دبي عام 1970 بشوارعها الترابية ومراكبها الخشبية، التي تحوّلت اليوم باخلاص حكّامها إلى سفينة سياحية يدخلها كل يوم عشرات الملايين يبحثون عن الجديد في التكنولوجيا والفن والثقافة والرفاهية. في ذلك الوقت كانت دور السينما تملأ شوارع بغداد فيما المسارح تضاء مصابيحها حتى منتصف الليل.

لا حدود في جمهوريات الطوائف والمذاهب، لأيّ شيء سوى المصالح الضيقة، فلا تصدق أنّ المالكي يمكن أن يقبل بطيب خاطر تعيين مدير لمكتبه من الطائفة السُنِّية، وأنّ النجيفي سيختار بأريحية، مسؤول حمايته من الطائفة الشيعية، لأنهم ياعزيزي لا يثقون بالآخرين؟

اسمحوا لخادمكم أن يعود ثانية إلى تجارب الشعوب، ويتذكر كيف دفعت أنديرا غاندي أيقونة التسامح في الهند حياتها ثمناً لمواقفها الوطنية ، حين رفضت أن تغيّر حرسها الخاص وكانوا من طائفة السيخ ، بأشخاص مقربين، معتبرة أنّ كل أبناء الهند هم أبناؤها وإن اختلفوا معها في الدين أو المعتقد.

وقديماً قال عمّنا ابن الرومي طيّب الله ثراه:

لا تُسقرط یا أبا یحــ یى أخانیك العجائز

قد فصحنا فوجدنا ك رَكُوباً للجنائز

یا أبا یحیی تمتع والهُ عن قطع المفاوز

وانتهز ما تشتهیه إنّما العیشُ مَناهز

وكذا الفلسفةُ الــ أولى فكانت طَنز طانز

جَرّد الجُردان باللیـ ل، وصح:هل من مبارز..؟

  كتب بتأريخ :  الجمعة 31-10-2014     عدد القراء :  3756       عدد التعليقات : 0