الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
الشاعر يحيى السماوي : في الشعر تاثرت بالفقر
بقلم : عبدالحسين ناصر السماوي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

حاوره في طريق الشعب/عبدالحسين ناصر السماوي

ﻻ أملك اﻻ أن احتفي بالشاعر يحيى السماوي الذي يمتلك لغة وصفية غنية باﻻيحاءات الجميلة، ويكشف لنا التفاصيل الدقيقة لجميع ما كتب ونشر من قصائد حطت رحالها في الغربة تفوح بعطر الوطن وتشكل نصا يبلور فكرة معينة ويقظة تجعلنا أكثر انتباها في عصرنا المرعب هذا، لتحكي تفاصيل وجعنا اليومي وتفكك صمتنا لتعلن للقاصي والداني أسئلة حرجة وآراء متباينة حول الوضع الحالي الذي يعيشه العراقيين.

سألناه أولا:

للحس الوطني حضور فيك منذ ديوانك الأول "قصائد في زمن السبي والبكاء" عام 1971 وانعكس هذا الحضور في مراحل حياتك ليبلغ ذروته في انتفاضة اذار عام 1991التي شاركت فيها مقاتلا وخطيبا.. فما الذي جعل يحيى السماوي يتحول من شاعر يتغنى بالمقلة والنهد الى شاعر يمجد اﻻنسان لمجرد كونه إنساناً ويتغنى بنضاله من أجل الوطن الحر والشعب السعيد؟

الذي جعلني أتحول من المراهق الى الفتى المنشغل بهموم اﻻنسان هو انتمائي ﻻتحاد الطلبة وأنا في بدايات مرحلة الدراسة الثانوية. .. ومن ثم تشرفي بعضوية حزب "أحفاد عروة بن الورد" وأنا في مرحلة دراستي الثانوية، وتنامي هذا الحس في مرحلة دراستي الجامعية وعملي في صحيفة "طريق الشعب". دون أن أنسى تأثري بأساتذتي الذين أسهموا في صنع الوجدان الوطني لطﻻبهم أمثال اﻻساتذة عزيز الحاج علي عيسى الجبلاوي وحسين علي الغرة.. وزوج شقيقتي الشهيد إبراهيم الحساني "ابو نوفل" وبقية رموز الحركة الوطنية في مدينة الفقراء والكادحين "السماوه".

فكانت مشاركتي في اﻻنتفاضة الجماهيرية عام 1991تتويجا للحس الوطني الذي نشأت عليه منذ ختمت مراهقتي الشعرية في ديواني اﻻول "عيناك دنيا" ﻻبتدئ شبابي الشعري في ديواني الثاني "قصائد في زمن السبي والبكا"..

كيف ترى الحس الوطني الآن؟

شهدت السنين الأخيرة خلخلة في الثوابت الأساسية للحس الوطني من خلال تهميش دور المواطنة لحساب دور العشيرة والطائفة والمنطقة، خلخلة هذه الثوابت هي التي جعلت الكثير من المواطنين يبيعون صوتهم اﻻنتخابي ببطانية او صفيحة زيت وكيس عدس وشريحة موبايل... أو يمنحون صوتهم اﻻنتخابي بحسب العشيرة والطائفة والقومية وليس بحسب الكفاءة والماضي النضالي والوطني والتحصيل العلمي.. هذه الخلخلة بسبب المال السياسي الذي جعل من حفاة الأمس القريب أباطرة مال وأعلام يتصدرون المشهد السياسي.

ﻻ معالجة لهذه الظاهرة غير إعادة اﻻعتبار للمواطنة وردم مستنقع المحاصصة وهو أمر مشكوك بحدوثه في السنين القليلة القادمة في ظل الفساد السياسي والمالي والتدخل الخارجي في صنع القرار السياسي وتنفيذه.

أرى في شعرك ظاهرة كثرة التساؤﻻت وشيوع اﻻنفعال.. ألم تجد أجوبة على تساؤﻻتك..؟ ومتى يهدأ طوفان انفعاﻻتك...؟

إن ظاهرة التساؤلات في شعري مقصودة يا صديقي.. نحن بحاجة إلى ثقافة الأسئلة. الأسئلة هي التي تحرضنا على إعمال الفكر بحثاً عن الأجوبة المعقولة لواقع غير معقول... الأسئلة هي التي تحرك الماء الراكد في بحيرة اﻻجوبة.. أما عن طوفان اﻻنفعاﻻت فلن يهدأ اﻻ حين يعود العراق خيمة أمان ومائدة عافية وليس كما هو اﻻن.. ارخبيل دويلات هشة.. وكل وزارة دولة، أو حزب أو طائفة في وطن أغلبه "منطقة صفراء" وقليله "منطقة خضراء".... طوفان اﻻنفعاﻻت يا صديقي سيهدأ حين يصبح الوطن كله منطقة خضراء. .. وحين يعم الأمان كل العراق وليس المنطقة ال?ضراء وحدها... وحين نرى اللصوص الجدد في قفص المحاكمة وقبل ذلك إعادة النظر في بعض مواد الدستور لتخليصه من القنابل الموقوتة التي وضعها المحتل الأمريكي.

"السماوه" حاضرة في شعرك، ربما أكثر من حضور جيكور في شعر السياب.. فمتى تطوي خيمة غربتك الطويلة لتنصبها في السماوة..؟

أوشكت على طي خيمة غربتي ﻻنصبها في جنتي وجحيمي مدينة "السماوه" وتحديدا في بستاني الصغير وبيتي الحلم اللذين استودعتهما عند شخص ظننته صديقا، له شرف الرجولة والصداقة والحد الأدنى من مكارم الأخلاق، فأذا به يخونني خيانة كشفت عن كونه ابليسا في ثياب ملاك، جاحدا فضلي عليه... هل تصدق انني لم أحصل من بستاني ولو على سعف نخلة؟.. ولم أحصل من بيتي ولو على طابوقة واحدة؟.. وأما مكتبتي التي تزيد على ثلاثة آﻻف كتاب فلم أحصل منها ولو على غلاف كتاب واحد.. اﻻنكى من ذلك ان "ابن ساكنه" سرق ديواني المخطوط وراح يقرأ قصائدي أمام ش?راء السماوة أمثال سعد سباهي واياد احمد هاشم وغيرهما على انها من شعره مع انه ﻻ يعرف الفرق بين الشعر والشعير وﻻ بين ميزان البقالة وميزان الخليل بن احمد الفراهيدي!

المشهد الشعري العراقي المعاصر يعج بالكثير من الشعراء ويتسم بالضبابية ما تفسير ذلك؟

نحن نعيش مرحلة انتقالية وﻻبد لكل مرحلة انتقالية ان تكون قلقة... فالنظام القديم يحاول استعادة ما خسره، والنظام الجديد يحاول تثبيت ما ربحه... والشعر هو ابن المرحلة لكنه يبشر بخير يا صديقي ولسبب جوهري هو ان الشاعر قد تخلص من الرقيب السلطوي ولم يعد مطالباً ان يكون مهرجا في سيرك الحاكم أو مغنيا في جوق السلطة أو صانع إلقاء لطاغية ينظر الى العالم من فوهة مسدسه المهيأ ﻻطﻻق النار... لم يعد الشاعر مخيرا بين تمجيد الحاكم وحزبه وبين الموت او الصمت...

ما الذي إضافته لك الغربة الطويلة؟

أضافت لي المزيد من حبال المشيمة التي تشدني برحم العراق فقد اكتشفت ان اﻻنسان يزداد تعلقا بالوطن كلما ازداد بعدا عنه... اضافت لي الغربة المزيد من اﻻصرار على مواصلة الرحلة نحو مدينة المحبة الكونية. . فالغربة كشفت لي أن ناقة قلبي ﻻ تجيد الرعي في المراعي اﻻسمنتية، وأنني خلقت عراقيا لأموت عراقيا.

قصيدة النثر تعد نوعاً أدبيا شأنها شأن القصيدة الفراهيدية.. هل عالم قصيدة النثر يفتح لك آفاقاً رحبة يصعب توافرها في القصيدة الفراهيدية بنوعها العمودي وشعر التفعيله؟

الشعر أكبر من أن يكون كلاما موزونا.. لو كان الشعر يعني الكلام الموزون لكانت الفية ابن مالك ملحمة شعرية بينما هي مجرد كلام موزون أكثر يباسا من قرون الوعل. ما يعنيني في النص شعريته وليس شكله لذا أحب قصائد محمد الماغوط أكثر من حبي لقصائد عبد الغفار اﻻخرس.. قصيدة قد أضافت دما جديدا للشعر العربي... وقد ﻻ أكون مبالغا لو قلت ان قصيدة النثر أكثر صعوبة من القصيدة الفراهيدية.

متى كتبت الشعر؟، وبمن تأثرت؟https://fbcdn-sphotos-d-a.akamaihd.net/hphotos-ak-xpf1/v/t1.0-9/10250152_1530444377194629_8200835553933585887_n.jpg?oh=62a5da25addf68508c83205dc68aa332&oe=54DCB9A4&__gda__=1427299483_603825648071cb1f49aedb3dec4d72af

كتبتها وأنا في بداية دراستي الثانوية ونشرت أول قصيده وأنا في الصف الثاني المتوسط

أما بمن تأثرت... فقد تأثرت بالفقر أوﻻ... وبالقيود التي أكلت معصمي ثانياً وبهدهدة أمي لصغارها ثالثاً.. حتى اذا نضج رغيف عمري تأثرت بشاعر الأزمنة المتنبي وبتوأمه شاعر العرب اﻻكبر الجواهري.

كل الكتب التي قرأتها لم تعلمني ما علمتني اياه أول صفعة على وجهي صفعني بها شرطي في معاونية أمن السماوة بسبب هتافي في تظاهرة شعبية وأنا في مقتبل العشق للحرية والديمقراطية.

  كتب بتأريخ :  الخميس 20-11-2014     عدد القراء :  3072       عدد التعليقات : 1

 
   
 

يحيى الكاتب Guest

الشاعر يحيى السماوي انه شاعر كبير وانسان كبير ملا الدنيا وشغل الناس وانتاجه الجزيل والغزير يستدعي من المهتمين دراسة تجاربه الشعرية فهو ثروة ادبية عراقية وعالمية لايمكن ان يحتويه النسيان ....