الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
شناشيل : مدارس للوطنية .. للمهجّرين!!

لأول مرة أعرف ان لعمل هيئة المساءلة والعدالة علاقة بالعراقيين المنفيين والمهجرين والمهاجرين خارج البلاد، وانها تتابع أحوال هؤلاء وتعمل لإقناع بعضهم بالعودة الى البلاد للإفادة من كفاءاتهم خبراتهم.

المعلوم ان وزارة الهجرة هي الجهة الحكومية المعنية بهذا الأمر، وان أمور المنفيين والمهجرين والمهاجرين لا تمضي دائماً على النحو المنصوص عليه في قانون الوزارة وبما يحقق الأهداف المتوخاة من إنشائها، فللعديد منهم ، وبخاصة ذوي الكفاءات العلمية والمهنية، مرارات حارقة ، والبعض منهم اضطر لتمزيق أوراق معاملات عودته الى الوطن والاستقرار فيه، بسبب ما صادفوه من سوء المعاملة، إن في دوائر الوزارة أو في الدوائر التي كان يفترض أن يستثمروا كفاءاتهم فيها.

نائب رئيس الهيئة بختيار القاضي أعلن منذ يومين في تصريح صحفي ان من "أهم أعمال" هيئته "متابعة أحوال المهجرين العراقيين بسبب سياسة النظام البائد والعمل على إقناع أولادهم بالعودة الى العراق لغرض الاستفادة من خبراتهم وكفاءتهم"، مشيراً الى وجود "جيل عراقي" في الخارج يرفض العودة، وهو ما دفع الهيئة – كما يقول - لتقديم مقترح يتضمن مشروعاً بإنشاء مدارس في الدول الأوروبية لتوعية الشباب العراقي وإقناعه بالعودة وخدمة الوطن!

لا أظن ان المقترح سيكون نافعاً ومنتجاً إن أُخِذ به، فالمنفيون والمهجرون والمهاجرون، آباء وأمهات وأولاداً، ليسوا قليلي الوطنية ليكونوا في حاجة الى مدارس تلقنهم مبادئ الوطنية أو تحقنهم بجرعات منها كيما يعود العلماء والأطباء والمهندسون والقضاة وسواهم حال اختتامهم الدروس في هذه المدارس.

إذا كان للوطنية أن تُزرع وتترسخ في النفوس بواسطة المدارس فالأجدر أن نفتتح مدارس كهذه هنا ، داخل الوطن وليس خارجه.. الكثير من المسؤولين في الدولة، بمن فيهم وزراء ونواب ورؤساء مؤسسات ومدراء عامون، والكثير من مسؤولي الأحزاب والميليشيات المتنفذة في السلطة، هم الذين في حاجة لأن يتعلموا الوطنية ويتدربوا عليها وفي حاجة الى جرعات ضد الممارسات غير الوطنية، وفي مقدمها الفساد المالي والإداري على سبيل المثال.

هذا الوباء المتأصل الآن في بنية دولتنا ومجتمعنا هو ما يمكّن الإرهاب من الصمود بهذه القوة وكل هذا الوقت، وهو ما يجعل الطائفية السياسية تتواصل وتترسخ، وهو ما يتسبب في تفاقم العنف ، وهو ما يؤدي الى استشراء المحسوبية والمنسوبية والرشوة والتزوير.. وهذا كله من أهم الأسباب التي تحول دون عودة الكفاءات المنفية والمهجرة والمهاجرة، بل أيضاً تدفع بالكفاءات الباقية في البلاد الى تلمّس أية طريقة ووسيلة للهجرة.

الفساد المالي والإداري هو المسؤول الأول والأكبر عن عدم عودة الكفاءات المنفية وعن هجرة المزيد من الكفاءات، لكنه محميّ بحاضنة سياسية حنون، هو النظام المتبع في إدارة الدولة وتوزيع مناصبها ووظائفها العليا والدنيا على السواء.. نظام المحاصصة الطائفية والقومية والحزبية والعشائرية والمناطقية، والشخصية أيضاً. لكن إطاحة هذا النظام لا تكون من دون تعديل المسار الأعوج للعملية السياسية، وهذا التعديل لا يكون من دون تعديل الدستور، وهو استحقاق قائم منذ ثماني سنوات ومؤجل بفعل فاعل، وهذا الفاعل هو الأحزاب والكتل المتنفذة في الحكم التي لا تريد إطاحة نظام المحاصصة لأنه يلغي احتكارها للسلطة.

وفّروا فلوس مدارس الوطنية المقترح انشاؤها في أوروبا ووزعوها على النازحين، فهذا أجدى وأنفع، مثلما كان أجدى وأقرب للإمام الحسين وقضيته لو وُزّعت ،على النازحين أيضاً، الأموال التي تنفق هذه الأيام على الهريسة والقيمة!

  كتب بتأريخ :  الجمعة 28-11-2014     عدد القراء :  3084       عدد التعليقات : 0