الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
متى اكتشف عبعوب أنه وسيم؟

عالم غريب..! لا يريد السيد نعيم عبعوب أن يختفي عن أضواء الحدث في بغداد..! خرج علينا يوما ليعلن تصديه ببسالة لمؤامرة الصخرة، ثم اخبرنا بان العالم كله زرق ورق، فيما الفضائيات ظلت تترصد كل يوم حدثا جديدا للسيد امين بغداد لتضيفه إلى رصيد منجزاته الكبيرة.

الايام المقبلة سيعرف أهالي العاصمة بغداد ان أمينهم "المبجل" انضم الى قائمة نجوم الوسامة وانه سينازل الممثل دي كابريو في عقر داره، وسيتفوق حتما على براد بيت، وستصبح وسامة جورج كلوني من مخلفات الماضي، فجماهير سنغافورة ونيويورك وطهران زحفت عن بكرة ابيها لتلتقط صورة فوتوغرافية مع الأمين الوسيم.

اذن فلتفرح أيها المواطن البغدادي فقد حصدت أخيراً النتائج المبهرة لمرحلة الانجاز العظيم لأمانة بغداد، بعد أن توهم المغرضون من أمثالي ان الأمانة تغط بنوم عميق، فإذا بالسيد نعيم عبعوب ينبهنا أن اكبر انجاز تحقق خلال السنوات الماضية، هو حصول العاصمة بغداد على المرتبة الثانية من بين أكثر عواصم العالم وساخة ونفايات وتلوثا بيئيا، وبعد ان كان هذا الانجاز مجرد همهمات وهمسات في غرف مغلقة، خرج الى العلن وطفح على السطح، ليثبت للعالم كيف أن سياسيينا الشجعان استطاعوا وللمرة الرابعة على التوالي ان يحققوا لبغداد مركزها المتقدم في قائمة المدن الأسوأ.

ربما نختلف أو نتفق مع السيد الامين، لكن علينا مع هذه اللفتة "الوسيمة" أن نؤمن بأن الرجل يتمتع بروح الفكاهة والدعابة، إضافة إلى صفة الإصرار وعدم اليأس والدليل على ذلك أنه لا يزال يقسم بأغلظ الأيمان أن الحل في تطوير دبي وطوكيو وانتشالها من حالة البؤس والقتامة، هو في نقل التجربة العظيمة في مجال العمران والتنمية والخدمات في واحدة من اكبر مدن العالم تطورا وازدهارا هذه الأيام واعني بها العاصمة بغداد.

المؤسف أن الأخبار الوحيدة التي لا تزال تنقل من بغداد، أو التي لا يزال هناك من ينقلها، هي أخبار الموت في الشوارع وحالة الخراب التي تزحف على كل شوارع وساحات العاصمة، وغياب جميع أشكال العمران والترفيه.

هل من أجل ان يبتسم لنا عبعوب في الفضائيات، ابتهج العراقيون بانتهاء أربعة عقود من الاستبداد والتعسف؟ ألم تكن المسألة الكبرى في شعارات التغيير، بناء بلد عصري قائم على مؤسسات فاعلة.

عام 1922 يكتب الأديب اللبناني أمين الريحاني عن بغداد "مدينة تعكس الهدوء والتسامح والقانون والعمل"، وقبل الريحاني بأكثر من ألف عام يكتب اليعقوبي صاحب مروج الذهب عن أهل بغداد: فليس من عالم اعلم من عالمهم، ولا اجدل من متكلمهم، ولا أعرب من نحويهم، ولا امهر من متطببهم، ولا أروع من زاهدهم، ولا اكتب من كاتبهم، ولا افقه من حكامهم، ولا اخطب من خطابهم، ولا اشعر من شاعرهم". ولكن بعد ابتداء عصر الانقلابات العسكرية بدأت بغداد شيئا فشيئا تفقد هويتها، انقلبت وصارت مدينة موت لا مدينة حياة كما حلم رجالها الأوائل".

يقول جوناثان ليونز في كتابه "بيت الحكمة": انه بعد قيام بغداد عاصمة للمسلمين تغيرت هيكلية المجتمع العربي لصالح ثقافة إسلامية جديدة، كان فيها الفرد وليس العشيرة هو اللاعب الاجتماعي والسياسي الأساسي، قبل قرون من قيام نيويورك صارت بغداد مصهر الأعراق والثقافات والشعوب".

لا أدري من أين يأتي السيد عبعوب بكل هذه القدرة على الاستخفاف بعقول الناس حيث يريد ان يوهمنا ان اهالي العاصمة سيخرجون في مسيرة مليونية لمنحه لقب أجمل "عمدة" عاصمة في العالم.

هل توجد مسرحية هزلية اكثر من هذه، لكننا يا سيدي لا نضحك، فما الذي حدث؟

  كتب بتأريخ :  الجمعة 19-12-2014     عدد القراء :  3936       عدد التعليقات : 0