الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لن أحتفل بالعيد هذا العام ؟

تستفز ذاكرتي الأيام الأخيرة من كل عام ، فتعود بي إلى أيام الطفولة حيث الفرح يؤطر كل لحظات تلك الأيام ويرسمها حدائق من بنفسج ، وكأنني أنام على حفيف أجنحة الفراشات وأصحو على زقزقة العصافير ، كل شيء كان جميلا مثل ألوان ملابسي ، شجرة عيد الميلاد التي ترقد أسفلها الهدايا الصامتة ، الكرات الزجاجية الملونة التي تتأرجح على أغصانها ، الشرائط الذهبية التي تحيط بتلك الأغصان ، النشرة الضوئية التي كنت أغمض عينيَّ بانطفائها وافتحهما باشتعالها ثانية ، البالونات الملونة وهي معلقة بشرائط الزينة في سقف الصالة ، كل شيء جميل يرجع بي إلى تلك الأيام ، وكان الأجمل أن ترى بشائر الفرح على وجوه جميع من تعرفهم أو يزورونك في أيام العيد ، فينتابك شعور من أن فرحك واسع بوسع محبتهم ، كنت اعرف من أن بابا نوئيل سيوزع الهدايا على جميع الأطفال لا يميز بين طفل غني وأخر فقير لأن الرب طلب منه أن لا يميز بين البشر، كان فرحي بالعيد أكثر من فرحي بالهدايا التي أحصل عليها ، وربما إلى الآن لا أعرف هذا السر ، ولكن الذي اعرفه  هو فرح العيد فرح لا يُقاوم ، ....هل حقا هو فرح  لا يُقاوم ؟ ربما نعم حين يتعلق الأمر في البحث عن الفرح مهما كان مصدره ، وربما لا حين تنعدم  مسوغات هذا الفرح ...واسأل نفسي هل مسوغات الفرح متوفرة في هذا العام؟ اللوحة قاتمة في سوادها ، كل شيء يبدو على حافة الانهيار ، الوطن تنتهك أراضيه عصابات لا تعرف غير القتل ، قلوبهم سوداء مثل راياتهم التي يحملونها ، اغتيالات على الهوية في مناطق عديدة ، قتلى من ابناء جيشنا بالعشرات يوميا ، ومأساة المآسي هذه الجموع الغفيرة من النازحين وظروف معيشتهم التي تفتقد لأبسط الظروف الطبيعية ، كم ترهقني صور الأطفال الحفاة وهم يسيرون في برك الماء والطين مثلما يرهقني منظر الأمهات وهنَّ لا يعرفنَ بماذا يستبدلن َّ ملابس أطفالهنَّ التي ابتلت بماء المطر، كل شيء في وطني يبعث على الحزن ، فكيف لي أن احتفل وأفرح بعيد لا أرى الفرح فيه يرتسم بعيون أطفال بلادي؟ وكيف لي أن أحتفل بعيد والحزن يمد جناحيه على كل مساحة وطني؟ وكيف لي أن احتفل بعيد والغربة بكل عفونتها وبكل ما تحمله من زيف في العلاقات تأكل أيامي بهمجية رعونتها ، لهذا قررت أنا وطفليَّ أن لا نحتفل هذا العام بالعيد ، ونأمل أن تتوفر الظروف في العام القادم أن نفرح من القلب حين يكون وطننا خال من كل هذه المآسي ، ولهذا ترانا نردد ترنيمة الميلاد :

(عندما نسقي عطشانا كأس ماء ............... نكون في الميلاد

عندما نكسي عريانا ثوب حب..................نكون في الميلاد

عندما نجفف الدموع من العيون................ نكون في الميلاد

عندما نملأ القلوب بالرجاء .................... نكون في الميلاد)

  كتب بتأريخ :  السبت 20-12-2014     عدد القراء :  3108       عدد التعليقات : 0