الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
عيب.. يا سعادة الوزير

قالت الاعلامية التونسية الاسلامية، كوثر بشراوي، في لقاء تلفزيوني، ما كنت ساقوله، ان شركائها في القضية خذلوها بعد ان اعتلوا الكرسي، فصاروا يتنكرون لكل الصداقات ولكافة اخلاقيات الشراكة، وقالت- ما كنت ساقوله ايضا- انهم خسروها، برغم انها راهنت على جدارتهم، واتضح لها (كما اتضح لي) انها ضيعت عمرا ثمينا في صحبة من لا يستحق ان يوثق بصحبته.

وكنت قبل سنوات قد كتبت عن سياسي "قريب" ملامة خفيفة بعنوان "أيدناك فخذلتنا" شعورا مني بالخذلان من اصدقاء ينقلبون على اصدقائهم حال جلوسهم على كرسي الوزارة، متوهمين انهم يكبرون على استحقاقات الصداقة وفروضها، فيما هم يتضاءلون في اختصاصات المكانة ورصيد السمعة وقياسات الجاه، ويقبلون-في نهاية الامر- ان يكونوا نموذجا لاولئك الذين جاءتهم الكراسي في غفلة الزمن والاقدار، وجاءهم الجاه في اضطراب الانواء والمعايير.

هذا لا يخصّ وزيرا بعينه، أو زعيما بذاته، انما هي عاهة ضربت طابورا من وزراء العهد الجديد: يغلقون ابواب مكاتبهم بحراس ومرافقين وابناء عمومة وأصهار ومحازبين لا ترمش لهم عيون، وعندما تريد ان تقابل سيدهم، يدحرجونك بينهم، مثل اية شبهة، ويجرون عليك، بفروسية امنية متغابية، اختبارات اللياقة من حيث اللباس واللغة وسلامة النية ووجاهة طلب اللقاء، ثم يدوّنون رقم هاتفك لكي يبلغونك في ما بعد بالموقف من طلبك الذي كنت قد افضتَ في شرح دواعيه، وابلغتهم ان سعادته يعرفك ولا يجهل حسن مقصدك.

هذا اذا نجحتَ في اختراق الفتحة الضيقة لبناية الوزارة من بين الالواح الكونكريتية وصف الشرطة ورجال الامن، فان طلبك لمقابلة الوزير سيصطدم بالرد الجاهز بان سعادته لم يصل اليوم الى مكتبه، وفي اليوم الثاني سيقال لك بان الوزير في مهمة خارج الدائرة، وفي اليوم الثالث انه سافر، وبعد اسبوع ستفاجأ من ينصحك بالقول: اخي لا تتعب نفسك، أكتب عريضة بقضيتك ودعها في صندوق الشكاوي.

اقول، هذا ما حصل لغيري من الاصدقاء والمعارف (وبعضهم كفاءات علمية مهاجرة) ضاعت قضاياهم وحقوقهم وأوراقهم وفرص تعيينهم في شبكات الرشوة والاهمال والبيروقراطية وانعدام الرحمة والانصاف والغيرة، في هذه الوزارة او تلك، فلم يجدوا حلاً إلا بطرق باب الوزير، وبعضهم يعرفونه، وتجمعهم به علاقات عمل أو سياسة أو محن، فيعودوا خائبين.

كتب لي صديق اعلامي يقول: اتصلت بسعادته على الرقم الذي كنا نتهاتف عليه قبل ان يصبح وزيرا، لطلب اللقاء (15 دقيقة لشأن من اختصاص وزارته ومسؤولية الوزير حصرا) وارسلت له رسالتين على قناة كنا نتواصل عبرها، بل وتركت له على مكتب سكرتيره طلبا للقاء، ولم يكلف نفسا للجواب وكنت سأتفهمه، وحتى للاعتذار وكنت سأقبله.. واختتم الاعلامي رسالته بالقول: آخ من لساني.

*********

"الحقيقة، هي بذاتها، افضل نكتة"

برنارد شو

  كتب بتأريخ :  الإثنين 22-12-2014     عدد القراء :  4101       عدد التعليقات : 0