الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أيهما الوطن؟ أيهما المنفى؟
بقلم : ريسان الخزعلي
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

ايهما الوطن؟ ايهما المنفى؟ سؤالان اشكاليان واجههما الاديب العراقي او المثقف العراقي بصورة عامة؛ ومثل هذين السؤالين يضمران احتمالين استفهاميين آخرين: هل المنفى وطن ام الوطن منفى؟

ان اسئلة من هذا النوع اوجدتها ظروف الهجرات الاضطرارية الى المنافي قبل وبعد عام 1978؛ في القبل كان العدد محدوداً، الا ان ما حصل في عام 1978 ونتيجة الظروف السياسية المعروفة اصبح ظاهرة نفي وتهجير؛ واجهها المثقف بوعي المحافظة على الذات والتكوين وحرية الوجود والابداع؛ كما ان للهجرات التي حصلت بعد عام 1991 وعيا في المحافظة على الوجود الحياتي، ضد الجوع والتجويع، وفي كل انواع الهجرات والتهجير التي واجهها المثقف، كان السؤال يتجدد.. ايهما الوطن؟ ايهما المنفى؟ وراوحت الاجابات في حدها النظري الانشائي، وتلمسنا الوطن من خلال بعض هذه الاجابات كتخاطر ذاكراتي لا غير، في حين كانت المنافي حضورا يشكل التجارب بطريقة المنفى/ الوطن. ولم نعد نتوافر على التوضيح الوافي لاجابة الاستفهامين المتداخلين ايهما الوطن؟ ايهما المنفى؟ الى ان جاء كتاب الشاعر المبدع معتز رشدي، عبد الكريم كاصد: ايهما الوطن؟ ايهما المنفى؟ وهو كتاب ضم حوارات عميقة مع الشاعر الكبير الكاصد: عن الحياة والوجود والوطن والمنفى والابداع والالتزام السياسي والايديولوجيا والمرأة..الخ. وكانت الاسئلة هي الاخرى تشير الى براعة المؤلف المحاوراتية في توليد هذه الاسئلة التي لا تنشغل الا بما هو في جوهر التجربة الصادقة؛ تجربة الشاعر، بدءاً من طريقة هروبه الاسطورية حيث الجمل والتانكر، اوعية الحماية الجسدية له، بعد ان كانت الروح تنشر اكثر من شراع؛ وصولا الى سياحة في الذات والخلق الابداعي، والتعارض السياسي الايجابي. لقد كانت الاجابات تعكس الاعماق القصية لوعي الشاعر الحياتي/ السياسي/ الابداعي وفهمه للتحولات التي حصلت وتحصل باستمرار، وبما يضمن الانحياز للانسان وجدوى وجوده، من اجل ما هو اكثر نقاءً وارقى وجوداً، والتبرير كامن في ذات الشاعر، حيث العشرات من الاصدارات في الشعر والترجمة والقصة والمسرح.

يقول المؤلف: كثيرا ما قادتني الحوارات الى ما لم اتبينه من قبل، رحلة قاربت الخمسين عاماً اختبرت فيها الكلمة اقسى اختيار، واجمله، بدءاً من (الحقائب) باكورة الشاعر، وليس انتهاء بـ (الفصول ليست اربعة) آخر ما صدر للشاعر، وبرغم طوافه في البلدان، مكرما تارة ومغضوبا عليه في سلط النفي تارة اخرى. الا انه ظل وفيا لها ، اي الكلمة ، مشدوداً اليها، فهي سر بقائه حياً. ولا اعرف ان كان الشاعر في تخاطر مع المستقبل والمنفى حين اسمى مجموعته الاولى عام 1975 بـ (الحقائب). كما ان تناوبه في رحلاته بين الوطن والمنفى يحتم جوابا لاحقاً عن الاستفهامين: ايهما الوطن؟ ايهما المنفى؟

* في هذا الكتاب يصح القول الآتي وبالعراقي طبعاً:

والله هاي الحوارات بيهة طعم ماي الكحلاء وإملوحة صبخة العرب بالبصرة!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 23-12-2014     عدد القراء :  3846       عدد التعليقات : 0