الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
نحو تشريع قانون أحزاب ديمقراطي
بقلم : طريق الشعب
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

عاد قانون الأحزاب مرة أخرى الى دائرة النقاش، فيما تمت يوم 8 الشهر الجاري القراءة الأولى لمشروعه في مجلس النواب، بعد ان ركن عدة سنوات في الإدراج. ذلك انه انجز بصيغته الحالية يوم 20 آذار2011، وأرسل الى مجلس النواب السابق يوم 5 آب من العام نفسه. لكنه سحب من المجلس ثانية، بناء على قرار اتخذه مجلس الوزراء بتاريخ 13 تشرين الثاني 2012.

ومعلوم ان لقانون الاحزاب اهمية خاصة في تنظيم الحياة السياسية، وهو من بين اهم التشريعات التي تتطلبها عملية التحول الديمقراطي، والحياة الديمقراطية عموما. بل لا يمكن تصور حياة سياسية مستقرة من دون قانون للأحزاب ينظمها ويضمن التعددية السياسية.

كذلك معلوم ان المادة (39) من الدستور تنص على حرية تأسيس الجمعيات والأحزاب السياسية والانضمام اليها. وقبلها نصت المادة (7) على حظر اي كيان او نهج يتبنى العنصرية او الإرهاب او التكفير او التطهير الطائفي او يروج لها.

وقد سبق ان عُقد عشرات من ورش العمل لمناقشة مشروع القانون إياه، أسهمت فيها شخصيات سياسية وقانونية، وقدم كثيرون ملاحظات ملموسة على مواده وفقراته، تم تسليمها الى اللجنة القانونية البرلمانية، التي صرح رئيسها آنذاك النائب السابق خالد شواني، اكثر من مرة، بانها تعاملت بايجابية مع الملاحظات التي قدمت لها.

لكن وللاسف لم يتم ادخال أي تعديل على المشروع الذي قُرأ قراءة الاولى! وبدا جليا ان اللجنة لم تستفد مما وضع تحت تصرفها من افكار وملاحظات وتدقيقات، وبذلك ذهب الجهد السياسي والفكري الذي بذله اصحابها، وهم من صفوة المختصين والمهتمين، ادارج الرياح. كما بدا وكأن مؤسساتنا تعيش في جزر منقطعة عن بعضها، لا ترابط بينها ولا تواصل.

وكان مفترضا ان تتم العودة الى تلك الملاحظات والاستفادة منها بما يعزز التوجهات الديمقراطية، قبل الشروع بقراءة المشروع من جديد في المجلس. فقانون الاحزاب لا يخص القوى الممثلة في البرلمان وحدها، ولم يصمم لجعل الواقع القائم ابديا، بل ان الهدف منه - كما سبقت الاشارة هو تنظيم الحياة الحزبية والسياسية في العراق حاضرا ومستقبلا، سواء كانت الأحزاب القائمة او التي يمكن أن تتشكل مستقبلاً، ممثلة في البرلمان ام غير ممثلة.

من جهة أخرى يتوجب ان يشكل قانون الاحزاب المنتظر قطيعة كاملة مع عهد الدكتاتورية، وان يبتعد كليا عن ذهنية الاستبداد والتهميش والإقصاء. ومن البديهي ايضا الا ينص على منح مؤسسات السلطة التنفيذية صلاحية الترخيص للأحزاب، وان يكلف بهذه المهمة جهة مستقلة محايدة. فمن الضروري في كل الاحوال إبعاد هيمنة السلطة التنفيذية وأجهزتها عن هذا المجال.

ولا ريب في ان أهمية القانون تكمن في كونه يتبنى قيم الديمقراطية من الناحية الفكرية، ويترجمها في البناء التنظيمي والممارسة السياسية، ويجسد بدقة وإيجاز ووضوح الأحكام الواردة في الدستور بخصوص الحقوق والحريات، كي يتيح ممارسة الحياة الحزبية بسلاسة وانسيابية ومن دون عقبات إدارية او سياسية، او اي تعقيدات اخرى مفتعلة. وهذا يتطلب تيسير اجراءات التسجيل، وقصرها على إخطار الجهة المسؤولة عن منح الإجازة، والتي ينبغي ان تقوم بإشهار ذلك ونشره في وسائل الإعلام، بعد تدقيق الشروط المطلوبة.

كما يتعين ان يوفر القانون فسحة مناسبة للشباب، من خلال خفض سقف عمر المؤسسين والمنتمين ليشمل كل من بلغ الثامنة عشرة، وهو السن الذي اقره الدستور لممارسة الحق الانتخابي. وفي نفس الوقت يتوجب ضمان إشراك المرأة في هياكل الأحزاب، وتعزيز مساهمتها في الحياة الحزبية. كذلك ان تكون الأحزاب مبنية على أسس المواطنة والمساواة، وليس على أسس اثنية او دينية او طائفية، وان تقر آليات العمل الديمقراطية في أنظمتها الداخلية، وتعكس ذلك في أنشطتها وعلاقاتها، وتؤكد حق جميع الأعضاء في الترشح لتبوء المسؤوليات في الحزب، وتوفر أجواء المس?همة الديمقراطية في صنع القرار وتنفيذه.

ومن الواجب بجانب هذا وذاك ان يكون القانون واضحا في ما يخص مصادر التمويل، والمال السياسي، والمليشيات، ومسألة استغلال مؤسسات الدولة ورموزها ومواردها وعلاقاتها الخارجية. وبطبيعة الحال يتوجب ان تضمن استقلالية الأحزاب وخصوصياتها وعدم التدخل في حياتها الداخلية، الا اذا تقاطعت وتناقضت مع الديمقراطية وآلياتها.

كما ان من الصحيح تقديم الدعم المالي للاحزاب من ميزانية الدولة، وحسب قواعد العدالة والإنصاف.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 20-01-2015     عدد القراء :  2283       عدد التعليقات : 0