الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
السنوات العجاف.. سنوات جدب

«1»

للحزن في وطني أكثر من مرفأ حيث ترسو سفن محملة ببضائع من كل أصناف الحرمان الذي مر على شعبنا العراقي منذ ما يقارب المائة عام، وكأن الحرمان ولد مع جذور النخيل ويستقي الحزن من ماء الرافدين. كأنه استقر في مدن العراق شمالا وجنوبا وأسس له مملكة من صخور البؤس الذي يزرعه الحكام والمقدس الوهمي، حتى صار قدرا يرافق أطفال العراق منذ ولادتهم ويكبر معهم حتى اللحظات الأخيرة من أعمارهم، أحيانا تلوح في الأفق بيارق فرح فتبدأ أزهار التفاؤل تنثر بشائر الأمل على كل شبر من أديم العراق، وفجأة تنثر السماء غيوم سخطها مطرا أسودا فتقتل الزرع والضرع

«2»

حين تعود إلى سنوات طفولتك وأنت تصغي إلى حكايا جدتك عن السنوات العجاف يوم كانت تضع الحصى البيضاء تحت لسانها من أجل أن تتصورها قطعة سكر وتحتسي الشاي، أو حينما يقومون بطحن حبوب الدخن مع حبوب الشعير، كانت تلك سنوات حرب. تقول حرب؟ وهل انتهت الحروب من بلاد الرافدين؟ هل انتهت الكوارث التي خلقت خارطتها الحروب وهي ترسم معالمها كل يوم، ترسمها في تفجيرات وقتل يومي يستنزف كل فرح العراقيين، وأخيرا سوف تستنزف فرحهم بسنوات عجاف.

«3»

السنوات العجاف هي سنوات جدب وفقر ومحنة، تفرش أجنحة ضيمها على عيون العراقيين من خلال رغيف الخبز الذي يأكلونه، أو ترسم لهم لوحات من العوز في ظل انعدام أبسط معالم الرفاهية. السنوات العجاف التي تنتظر العراقيين ليس سببها استنزاف النفط الذي تسبح كل مدن العراق في بحيرته بل بسبب ما تمت سرقته طيلة هذه السنوات من ثروات العراق. السنوات العجاف القادمة هي السنوات التي ستفضح سوء حكام العراق مثلما ستكشف مستويات الفساد الذي عشش في جميع مجالات حياتنا.

«4»

ربما يستفيق في روحك أمل من نحاس أنت الحالم بعراق نور، أو ربما تتوقف ماكينة الحزن عن بث سمومها على عتبات الفرح الذي تتأمله، كل شيء قابل للتحقق شريطة أن يملك العراقيون ارادة التغيير كي تمر السنوات العجاف القادمة مثلما تمر سحابة صيف، بدون هذه الإرادة لا يمكن ان ينبت زرع أخضر مثلما لا يمكن أن يتدفق الفرح من عيون الأطفال العراقيين.

«5»

«تمر أيام متعرجة

وأنت أيتها الذاكرة

-الزمن الفخ -

تتجهين نحو السام

لو ان ثمة نجمة وحسب

لو ان ثمة رعشة في الأفق

باتجاه المستقبل

لو أني اصدق مرة أخرى

للعبت بكل الأمل»

أمبارو أوسوريو

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 20-01-2015     عدد القراء :  2742       عدد التعليقات : 0