الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
على السكة.. ولكن!

« تم وضع القطار على السكة»!

عبارة كثيرا ما تتردد هذه الايام. ويبدو ان ما يقف وراءها هو الانفراج النسبي وتبدد الاجواء الملبدة في العلاقات بين القوى السياسية، التي شابها التشنج خلال الأعوام السابقة. ولكن السؤال يبقى مطروحا عن اتجاه هذه السكة، وغاية هذا القطار!

إذا كانت الأحداث التي وقعت يوم 10حزيران الماضي وما اعقبه، بفعل سيطرة الدولة الاسلامية داعش على مدينة الموصل، وامتداد اعتداءاتها وسيطرتها الى ما يقارب ثلث مساحة العراق، وما كشفته لنا تلك الاحداث الكارثية من وهن مؤسسات الدولة وضعفها، وسرعة انهيارها امام عصابات الارهاب، فان تراجع اسعار النفط وما اعقبه من اعلان سياسة التقشف، قد كشف هو ايضا تردي اقتصادياتنا، التي بنيت على مورد النفط وحده وهو الذي لا قدرة لنا على التحكم بسعره.

في المقابل كانت سياسة معالجة الملف الأمني خاطئة وتركت آثارا كارثية على المواطنين، بسبب اقتصارها على الإجراء العسكري، الذي غالبا ما ترافقه نواقص وأخطاء كبيرة. بينما تتطلب المعالجة جملة من الإجراءات التي تشمل مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاعلامية وغيرها. مثلما ان معالجة الملف الاقتصادي من جانبها تتطلب رؤية اقتصادية واضحة، تعتمد تنويع الاقتصاد،وتنطلق من الاعتماد اساسا على الاقتصاد الحقيقي، الصناعي والزراعي والسياحي والخدمي، ولا تقتصر على عائدات النفط وحسب.

ولا شك ان استنهاض هذه القطاعات الاقتصادية يتطلب إرادة وطنية واعية وحريصة على ممتلكات البلد وموارده، ودعما لمعامل الدولة ومصانعها، وتقديم كل ما هو ضروري لقيام القطاع الخاص بدوره، مع ايلاء اهتمام خاص للاستثمار الاجنبي، وبالتحديد في جوانب التكنولوجيا والصناعة والزراعة.

اما الحلول التي يطرحها البعض، ضاغطا من اجل تطبيق الخصخصة ومطالبا ببيع ممتلكات الدولة بذريعة تنمية الاقتصاد، فهي ليست سوى وصفات يقف وراءها اساطين الجشع وحيتان الفساد، الذين لم يشبعوا من نهب موارد وأموال العراق بالطرق المعروفة،للجميع، وها هم يبحثون عن طرق جديدة للنهب المنظم.

ان التطرق هنا الى الملفين الأمني والاقتصادي وحدهما لا يعني ان المعالجة التي تضع الأمور في نصابها تقتصر عليهما، انما لا بد من معالجة شاملة لجميع الملفات التي تناولها البرنامج الحكومي.

نعم، لا يكفي ان يعود القطار الى السكة، بل يتوجب تحديد وجهته بوضوح، والسير قدما بزخم في الاتجاه الصحيح.

  كتب بتأريخ :  الخميس 22-01-2015     عدد القراء :  3618       عدد التعليقات : 0