الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لماذا الضباط السنة فقط؟

ما هذه المهازل..؟ لم نكد نفيق من معركة "الانبطاح"، حتى باغتتنا صولة لجنة المساءلة والعدالة، ولم تنته خطبة النائبة عالية نصيف الثورية، حتى شمر الجميع عن سواعدهم في حروب الاقاليم، يخرج علينا وزير الصناعة صباحا ليبشرنا بأن الاشتراكية لا تنفع مع العراقيين، فيما يطل مساءً احد النواب ليعلن حربا على قوات التحالف الدولي، لأننا ببساطة لا نحتاج لمساعدة دولية.

مشاهد تتكرر يوميا وعلى مدار السنة، ولأننا شعب طيب ومحب للمرح فقد تعاملنا مع هذه التصريحات وغيرها باعتبارها نوعا من التسالي، على أساس أن السادة المسؤولين لم يصادروا حقنا المفترض في أن نتسلى معهم، فقد تركوا مشاكل المهجرين والضحايا والميزانية التي تتبخر كل يوم، ليشغلوا أنفسهم ويشغلونا بمعارك جانبية، ولتتحول الممارسة الديمقراطية في العراق من ممارسة حضارية تستند إلى القانون، ووسيلة لخدمة الناس، إلى حروب ومعارك شيطانية تكتب في النهاية شهادة وفاة للعراق الجديد.

ربما سيقول البعض إن الجدل والخلاف السياسي من طبيعة الأنظمة الديمقراطية، وان الاختلاف بين الجميع حق دستوري، وربما ايضا من حق بعض الجهات السياسية ان تطالب بمراجعة ملفات المسؤولين، ومن حق القضاء ان يصدر قرارات بحق بعض السياسيين، لكن ليس من حق أحد الضحك على عقول الناس، الكل يعرف جيدا ان نوابا ومسؤولين كبارا في الدولة لم تقترب منهم جرافات هيئة المساءلة والعدالة، ومن باب تنشيط ذاكرة القارئ فقط، اذكر بـأن الكثير من ملفات الاجتثاث والفساد التي تتعلق ببعض السياسيين لم يتم الاقتراب منها، لأن اصحابها ارتضوا بان يكونوا مجرد خيال ليتسنى لهم الاستمرار في الجلوس على الكرسي الذي يضمن له الامتيازات والمنافع.. ولا اريد ان اذكر بان هناك مسؤولين فاشلين لم تقترب منهم "جرافة" الاجتثاث تطبيقا لنظرية "خليك بحالك احسن".

لعل موضوعي الاساسي في هذا المقال هو الحديث عن الضباط الذين تم اجتثاثهم من قبل هيئة المساءلة والعدالة في الايام الأخيرة، حيث نقلت لنا الانباء ان الهيئة الموقرة أعفت المئات من الضباط غالبيتهم من محافظات صلاح الدين وكركوك ونينوى، والغريب والعجيب ان هؤلاء الضباط من الذين يتصدون الآن لخطر داعش، وان عوائلهم نازحة، والاغرب ان البعض منهم متوف، فيما آخرون تعرضوا لإصابات خطيرة خلال المعارك الأخيرة.

أتمنى ألا يفهم من كلامي أنني أروج لفكرة إلغاء هذه الهيئة " العظيمة " وتعطيل قراراتها ولكنني أتساءل لماذا هؤلاء الضباط فقط، ولماذا الاجتثاث يشمل ابناء مدن معينة، لكنه يغض الطرف ويداري وجهه خجلا عن مدن أخرى، او بصريح العبارة: لماذا الضباط السنة فقط يتصدرون قائمة المجتثين؟

لعلي أكاد كل يوم ألمح ابتسامة ارتياح على وجوه العديد من مسؤولينا، وهم يتابعون انشغال العراقيين بفقرات المسلسل الدرامي عن قرارات هيئة المساءلة والعدالة، ذلك أن ظهور مثل هذه القضايا في هذا الوقت، بحد ذاته، فرصة لتواري واختفاء ملفات شديدة الأهمية تتعلق بما جرى في الموصل من أسرار وحكايات يراد من المواطن العراقي ان لا يعرفها ولا يقترب منها، فهذه الهيئة أصبحت اليوم مثل مصباح علاء الدين السحري، ما إن تفركه حتى يخرج من قمقمه مارد يحقق لك كل ما تتمناه، ويبدو أن البعض لديه مثل هذا المصباح السحري، يفركه في أوقات الفراغ ليخرج علينا المارد على شكل قرارات وبيانات تحذر وتنذر وتتوعد ثم تجتث.

  كتب بتأريخ :  الخميس 22-01-2015     عدد القراء :  3489       عدد التعليقات : 0