الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
زائر فوق العادة

"مستوى الدعم الذي يتم تقديمه إلى النازحين، منذ أن قمت بزيارتهم في(.....) ولحد الآن يتقدم بشكل بطيء، وليس بالمستوى المطلوب".

هذا الكلام قيل أول من أمس في مخيم سميل (محافظة دهوك) للنازحين والمهجرين من مناطق مختلفة اجتاحها إرهابيو داعش العام الماضي، لكنّ القائل ليس هو نائب رئيس الحكومة الاتحادية رئيس اللجنة العليا لإغاثة وإيواء النازحين جراء العمليات الإرهابية، وهي لجنة شكلتها الحكومة بطلب من مجلس النواب ووضعت تحت تصرفها أموالاً طائلة لم نتبيّن بعد ما إذا كانت قد أُنفقت على الوجه الأكمل للغرض الذي خُصّصت له، فروائح الفساد سرعان ما هبّت، ولا أحد في الدولة، حكومة وبرلماناً، أفادنا بما أسفرت عنه حتى الآن التحقيقات التي قيل انها جارية للتوثق من صحة الاتهامات. (هل جرت فعلاً تحقيقات من جانب الحكومة أو مجلس النواب أو هيئة الادعاء العام؟).

"الغرض من زيارتي اليوم هو الوقوف على معاناة المتضررين بغضّ النظر عن قوميتهم وديانتهم، وتقديم مساعدات أفضل وتحسين المستوى المعيشي لهذه الشريحة".

وهذا الكلام قيل في المكان نفسه والزمان ذاته، فهو تتمة للمقطع الأول، لكن قائله ليس هو رئيس لجنة المهجّرين والمهاجرين في مجلس النواب ولا وزير الهجرة والمهجرين في حكومتنا الاتحادية ولا رئيس مجلس النواب الاتحادي ولا حتى رئيس الحكومة الاتحادية.

قائل هذا الكلام لا يحمل الجنسية العراقية ولا الهوية العربية أو الكردية او الإسلامية.. كائن رقيق للغاية في شكله وفي مضمونه .. كائن قادم من عالم الأضواء والألوان والشهرة والمتعة والغنج والدلال والفخامة، ولم يكن من واجبه ولا من مسؤولياته الاهتمام بشأن النازحين العراقيين وغيرهم، ولا بالسياسة ووجع الرأس الذي تسببه.. لكن هذا الكائن الرقيق بدافع من حسه المرهف وروحه الإنسانية عبر البحار والمحيطات والسفر من قارة الى أخرى سفيراً للنوايا الحسنة لصالح الأمم المتحدة.

الممثلة الساحرة نجمة هوليوود أنجلينا جولي هي صاحبة الكلام أعلاه وغيره مما قالته في مؤتمر صحفي، وهي الزائر فوق العادة لمخيم سميل، وهي المرة الخامسة التي تقوم فيها هذه السيدة بزيارة العراق للأغراض الإنسانية خلال ثماني سنوات. ففي الأعوام 2007 و2008 و2009 و2012 زارت أيضاً مخيمات للاجئين والنازحين في بغداد ومناطق أخرى.

جولي جاءت من أقصى الدنيا الى مخيم سميل لحضّ العالم على عدم نسيان مأساة النازحين، فقد دعت الى "تقديم مساعدة للمتضررين بشكل أفضل لما يمرّون به من ظروف صعبة". ومن الواضح إننا، ونحن الأولى بمساعدة أبناء وطننا، ليس في إمكاننا تقديم المساعدة المادية المطلوبة لهم، في الأقل بسبب انهيار أسعار النفط، لكننا في مقدورنا التعويض جزئياً بزيارات كبار المسؤولين في الدولة اليهم لإشعارهم بانهم غير متروكين للمصير الذي أراده لهم الإرهابيون.

حتى مع شح موارد النفط فان أمام الدولة فرصة كبيرة للإهابة بالمجتمع ومنظماته المقتدرة، ومنها المؤسسات والهيئات الدينية خصوصاً، أن تمد يد العون.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 27-01-2015     عدد القراء :  2778       عدد التعليقات : 0