الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هل نحن حقا شركاء في العراق ؟

يقول نص الجملة الأولى من المادة ( 3 ) من الدستور من أن العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب ، هذه التعددية من قبل المكونات المختلفة قوميا أو دينيا أو مذهبيا تستوجب أن تتساوى في الحقوق والواجبات أمام القانون دون تمييز بسبب القومية أو الدين أو المذهب ، بمعنى أن افراد هذه المكونات جميعا تتساوى في الحقوق والواجبات مع جميع المكونات الأخرى ، اي انها تتشارك مشاركة سياسية ووطنية متساوية مع الجميع .

الشراكة في الوطن أن يكون لكل شريك حصة من هذا العراق ، باعتباره ملكا شائعا لكل الشركاء ، وهذه الحصص متساوية ، لا يمكن ان يتم احتسابها على أساس الأكثر والأقل ، او الأوسع والأقل سعة ، فالشراكة مستقرة لا يمكن أن تتم دون عملية التكافؤ بين الشركاء .

والشركاء في العراق يمكن ان تكون وطنيتهم ومقدار عطائهم وتضحياتهم ونشاطهم هي المقياس الحقيقي في معايير الشراكة الحقيقية ، والشراكة لاتلغيها الانفعالات ولاتصريحات طارئة او ردة فعل ، الشراكة تعني العلاقات المتشابكة والمستقرة ، والشراكة تعني التعاون المخلص والتفاني الجمعي في سبيل مصلحة الجميع ، والشراكة تعني المرجعيات الأنسانية المشتركة .

حين تلغي حسابات الفوارق العددية ، وحين يتسابق الجميع لتحقيق المصالح العليا تتحقق الشراكة ، وحين لا يكون حساب المصلحة والربح الهاجس الذي يطغي على العلاقة بين الشركاء ، وحين لا يتمكن متطفل يثير غبار الفوارق والاختلافات من بث مزاعمه وامراضه ، حينها تكون الشراكة في معانيها الحقيقية .

الشركاء الحقيقيون في المشاركة الفعالة في أدارة دفة الدولة ، والشراكة لا يمكن أن تكون بعيدا عن الثقة ،ولا تبتعد عن الأهداف المشتركة ، ولاتتجاوز على المستويات والقدرات ، والشراكة لا تتحقق بالنصوص والتمنيات إنما بالفعل وبالإرادة .

ومن يريد أن يتحقق من الشراكة الحقيقية في العراق ، عليه أن يعود الى التاريخ العراقي الحديث ، حين كان يقدم الكوردي روحه دفاعا عن العراق ، ومن أجل تحقيق الديمقراطية ، وحين يقدم العربي والتركماني حياتهما من أجل قضية حقوق الكورد .

حين كانت الوطنية والخبرة والكفاءة هي المعيار الحقيقي في الشراكة ، وحين كانت أواصر النضال والمواقف بين الشركاء تقوم على أسس توسيع قواعد المشاركة في الحكم ، وحين كانت الشراكة طريقا لتحقيق الأهداف والتمنيات المستقبلية ، ولعل احداث العراق التي عصفت به بعد ثورة 14 تموز 1958 ابعدت الجميع عن طريق الشراكة الحقيقي ، ولعل التباعد بين الأطراف والقوى السياسية أضعف التعكز على الشراكة ، وجعل قيم هجينة ولاتتناسب مع تاريخ العراق الحديث أن تطغي على بقية القيم ، فأبرزت التخندق القومي والطائفي مما عمق من هذه الاختلافات، وجعل اسنانها مغروسة في جسد كل الشركاء .

ما يتعرض العراق له اليوم يصيب كل الشركاء ، وليس لنا الا التخندق في موقع واحد للدفاع عن كل الشركاء وهو ما تقوم به قوات البيش مركة الباسلة وقوات الجيش العراقي والحشد الشعبي وفصائل قوات حماية جبل سنجار ، ونحن احوج ما نكون للموقف الموحد ، ونحن بأمس الحاجة لنستعيد شراكتنا الحقيقية بهذا العراق الجميل ، ونستعيد أصالتنا وننبذ كل التطرف القومي والديني والمذهبي ، ونستعيد عملية التعايش والتسامح وقبول الآخر ، وفي سبيل نهضة العراق وانتصارنا على الهجمة الشرسة من أعتى مجموعات متطرفة وحاقدة تريد النيل من العرب والكورد والتركمان والكلدان والسريان والآشوريين والأرمن ، فليس لنا في سبيل الحفاظ على بقائنا أن نستعيد شراكتنا الوطنية ، وان نبتعد قليلا عن التصريحات الجوفاء والتهديدات العقيمة ، وان ننبذ التنابز والاستفزازات ، ولتكن شراكتنا ردا على وجود داعش في اراضينا يتحكمون برقاب اهلنا واخوتنا من كل الشركاء ، ولتكن شراكتنا داعمه للسلاح وللقتال في كل الجبهات ، حفاظا على عراقنا الذي يعتمد الفيدرالية أسلوبا دستوريا، فهل نحن مستعدون لأن نكون شركاء حقيقيون في هذا العراق ؟؟

  كتب بتأريخ :  الأحد 22-02-2015     عدد القراء :  3426       عدد التعليقات : 0