الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
قتل النساء .. قتل الحياة

«1»

تتذكر أمك بكل عنفوان محبتها لك منذ أن تنفستَ لأول مرة هواء الطبيعة. لهذا سحرك التعلق بثدييها والالتصاق بصدرها لكي تلتصق بالحياة أو لكي تفهم معنى الحياة. فبدون الأم ليس هناك معنى للحياة، هي الحب الأول والتعلق الأول بالحبيبة والبكاء الأول حين تفتقدها وهي دائرة الحنان المكتملة سيكولوجياً مع الروح، هي المفردة الأولى في النطق وهي زاوية الاختباء المثلى من غيلان الظلام، هي الضحكة البريئة حين تصفى القلوب وهي الدمعة الغالية حين تتهدم أركان الحب، هي الصباح الذي ترى فيه الشمس ضاحكة رغم تلبد الغيوم، هي دعاء المساء الصادق حين يبدأ الظلام يتسربل بخيوطه على جدران البيت، (مسية العافية يبني عليك). فمن أين نأتي بالكلمات التي تقدم لها الورد وهي تفارق عالمك الذي تحلم به معها؟ ربما ستكون الكلمات صدئة بدون ابتسامتها..

«2»

تدرك جيدا حنان الأخت وحبها لأخيها لأنها ترى فيه مظلتها التي تحتمي بها من كل عاديات الزمن. الأخت عنوان محبة دائمة الخضرة، أبناؤها هم الأقرب إليك بحبهم وارتباطهم، وهي بكل عفويتها تنتمي إليك مثلما تنتمي إلى الأم والأب. تتذكر تلك الحكاية التي يرددها أبناء القرى عن حبها واختيارها لأخيها، يوم تقرر لها أن تختار واحدا من الثلاثة كي لا يُعدم الابن والزوج والأخ، فقالت ( الزوج موجود، والابن مولود، والأخ مفقود) لهذا اختارت أن لا يعدم أخوها.

«3»

الكائن الخارق لكل مسميات الجمال يتكون من ثلاثة أضلاع، الابنة والزوجة والحبيبة، الأولى كائن لا ينصاع لغير التعلق المزمن بروح الأب أو الأم، والثاني كائن يرسم ملامح الحياة بأجمل صورها حتى لو كانت قاتمة كل الألوان، والثالث كائن من بنفسج ترتوي منه دون أن تشعر أنك ارتويت من عذوبة جماله، لأنه ديمومة الجمال العذب بكل منحنيات الحياة وعورة، به نستطيع أن نرى لون الحياة ورديا ومعه نستطيع أن نقول أن الغد قادم لا ريب. لأنه المعنى الفعلي للتفاؤل حين تضيق الدنيا بكل أحزانها علينا.

«4»

كل هذه النساء هي الحياة، والحياة بدون كل هذه النساء ليست حياة، هي عالم من القفر والضياع والجنون، فكيف لنا أن نبايع دولة تقتل الحياة؟ يتحدث تقرير صادرعن مركز الحقوق الدولي عن مقتل 14 ألف امرأة في العراق خلال الـ 12 سنة المنصرمة، كم من أم وأخت وابنة وزوجة وحبيبة بين اللواتي قتلن؟ ليس سوى أن نبصق على دولة مثل دولة داعش، تبني «صرحها» على قتل النساء.

«5»

في ظل هذا كله ليس لي غير أن استعير من أدونيس:

«أتكلمُ لا صوت لي

غير كلمات ٍ لا صوتَ لها».

  كتب بتأريخ :  الإثنين 23-02-2015     عدد القراء :  2649       عدد التعليقات : 0