الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
بدأها ألهر غوبلز

لم أستطع أن أتخلص من داء مزمن ، وهو متابعة اليوميات السياسية للتجربة الديمقراطية في بلاد الرافدين ، حاولت أن أشفى من هذا الداء العضال ، كما فعل الكثير من الأصدقاء، لكن بلا فائدة ، والسبب أن تلك التجربة السياسية التي توقّع العالم أن تصبح نموذجا يحتذى به ، أخذت تدخل بفضل العديد من الساسة والمسؤولين إلى مراحل من السطحية ، وأكاد أجزم من المهازل .

بعد عام 2003 توقعت الناس التي عاشت عقودا من الدكتاتورية بأنها ستفتح الأبواب والنوافذ للمستقبل، حتى أطلّ السياسيون برؤوسهم، فانفصمت عرى البلاد وتفرق الناس شيعا وأشياعا بفضل حكمة وحنكة العديد من المسؤولين الذين لم يتوقفوا عن تقديم كل ما هو فاشل ومزيف وعشوائي، وإشاعة كل ما يمت إلى الكذب والخديعة والعنف.

منذ شهور ونحن نعيش في ظل سفسطة سياسية وإعلامية لايريد لها اصحابها ان تنتهي ، فمرة يخبرنا رئيس لجنة الامن والدفاع البرلمانية حاكم الزاملي بأن " هناك وثائق وصوراً ومعلومات تؤكد أن طائرات التحالف تخرق السيادة العراقية والأعراف الدولية، لإطالة أمد الحرب مع داعش من خلال إلقاء المساعدات لعناصر التنظيم عن طريق الجو أو هبوطها في المطارات والمناطق التي تقع تحت سيطرتهم"، لماذا لا يكشف السيد النائب هذه الوثائق " المهمة " ؟ يأتيك الجواب من النائبة حنان الفتلاوي وهي تخبرنا بأن السفير الامريكي اعترف " بعظمة لسانه " ان هناك طائرات امريكية ترمي مساعدات لداعش ! وبعد ياسيدتي ، تقول لك ان " البنتاغون نفسه فتح تحقيقاً بهذا الموضوع " ومثل طالب مجتهد أبحث عبر غوغل والياهو عن تصريح للسفير الاميركي او عن خبر يحمل لي البشرى بأن وزارة الدفاع الاميركية تجري تحقيقا عن هذه الافعال " الدنيئة " فأجد رئيس الحكومة العراقية وهو ايضا القائد العام للقوات المسلحة يعتبر الامر مجرد شائعات ، ومثله ايضا وزير الدفاع العراقي ومعه عدد من القادة العسكريين ، إذن من شاهد هذه الطائرات ياسادة ؟ يخرج علينا مذيع أنيق ليقول بصوت متهدّج " في هذا المكان هبطت طائرتان امريكيتان وهما تحملان مؤناً وأسلحة سلمتها لداعش في محافظة بابل " المذيع الأنيق يجري لقاء مع مواطن يشرح بكل دقة انه شاهد طائرة هبطت وسلمت السلاح الى داعش ، طبعا المواطن كان يقف " متخنصرا " وهو يرى بأم عينيه خيانة المستر اوباما .. المذيع يخرج منتصرا ليعلن : " ان محاولات كهذه قد تُنبئ بستراتيجيات جديدة ، قد تفرض نفسها على الواقع " هذه الجملة الاخيرة للمذيع الانيق وليست لخادمكم ، فانا عاجز عن اصطياد مثل هذه العبارات " الفخمة " .

تطور الإعلام كسلاح تطورا جذريا عندما تحوَّل من الخديعة إلى الحقيقة، وصار التلفزيون في كل بيت ومعه صور كل شيء واي شيء .. لكننا في العراق لا نزال نصرُّ على أن نعيش في عصر تلفزيون الابيض والاسود ، وافلام المرحوم شامي كابور .. لا يريد البعض للأسف أن يدرك أن الإعلام قد دخل عصر الحقائق، وأن غوبلز أصبح من الماضي.

سأصدّق أن الحكومة العرقية قد غُرّر بها ، ، في موضوع التحالف الدولي ضد داعش كما تريد ان تقنعنا السيدة الفتلاوي ، وسأسلّم بأن السيد رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية مثله مثل أي مواطن مغلوب على أمره قد سمعت بالخيانة الاميركية من الفضائيات .

والأمر ذاته سأفعله مع النائب محمد الصيهود ، وأفترض معه ان اميركا ومعها بريطانيا تريدان إعاقة النمو الديمقراطي للبرلمان العراقي .

لكني لن أمنع نفسي من السؤال: إذا كانت أميركا تريد نصرة داعش ، لماذا صدّعت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية لصاحبها الزاملي ، رؤوسنا بمطالباتها المتكررة للتحالف الدولي بزيادة عدد طلعاته الجوية في سماء العراق ؟! ارجوكم راجعوا تصريحات السادة اعضاء اللجنة ربما انا من " يسفسط "

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 25-02-2015     عدد القراء :  3351       عدد التعليقات : 0