الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كيف نقرأ هذا التقرير؟

أحدث تقرير أممي عن أوضاع حقوق الإنسان في العراق، وبخاصة على صعيد الانتهاكات، لا ينبغي أن يقال عنه "جيد.. ولكن"، لاستثناء أجهزة الأمن الحكومية وعناصر الميليشيات مما ورد في التقرير من وقائع تدين هذه الجهات، فضلاً عن داعش، بالتورط في هذه الانتهاكات.

التقرير صدر في جنيف الاثنين الماضي عن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) ومكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان لدى المنظمة الأممية، وهو يستعرض انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان ذات طابع طائفي متزايد، وتدهوراً في سيادة القانون في مناطق كبيرة من البلاد، ويغطي فترة ثلاثة أشهر من 11 أيلول إلى 10 كانون الأول 2014.

يوثّق التقرير سلسلة من الانتهاكات الجسيمة والسافرة ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي، مؤكداً انها جرت "بشكل ممنهج وواسع النطاق"، واشتملت على قتل المدنيين والخطف والاغتصاب والرق والاتجار بالنساء والأطفال والتجنيد القسري للأطفال وتدمير الأماكن ذات الأهمية الدينية والتراثية والنهب والحرمان من الحريات الأساسية وجرائم أخرى. كما "تم على نحو منهجي ومتعمد استهداف أفراد المكونات العرقية والدينية العراقية المتنوعة (التركمان والشبك والمسيحيين والإيزيديين والصابئة والكاكائيين والكرد الفيليين والشيعة العرب وآخرين) بهدف "تدمير وقمع وطرد هذه المكونات بشكل نهائي من المناطق التي تخضع لسيطرة داعش".

ويستعرض التقرير ما قام به داعش من قتل لأسرى من قوات الأمن العراقية وأشخاص يشتبه داعش بارتباطهم بالحكومة العراقية أو بعدم ولائهم له، وشمل ذلك رجال دين وقادة مجتمع ورؤساء عشائر وصحفيين وأطباء ونساء سياسيات وناشطات بارزات في المجتمع.

ويخلص التقرير على هذا الصعيد الى أنه "قد يرقى الكثير من الانتهاكات والاعتداءات التي ارتكبها داعش إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وربما جرائم الإبادة الجماعية".

الى جانب هذا يورد التقرير وقائع تخص انتهاكات للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي ارتكبتها قوات أمن عراقية وجماعات مسلحة (ميليشيات). مرتبطة بشكل ما بهذه القوات أو على علاقة بها، ويقول إن "الجماعات المسلحة التي تدّعي ارتباطها أو دعمها للحكومة قد ارتكبت هي الأخرى عمليات قتل مستهدف، بما في ذلك قتل مقاتلين أسرى من داعش والجماعات المسلحة المرتبطة بها وعمليات خطف للمدنيين وانتهاكات أخرى"، منها "عمليات إعدام تمت خارج نطاق القانون".

بالطبع، داعش ليس لديه غير القتل والذبح وسبي النساء واغتصابهن وتدمير حتى الجوامع والمساجد وسائر دور العبادة والأوابد التاريخية، شواهد الحضارة الإنسانية، وبالعودة بالزمن الى الوراء نحو 15 قرناً .. هذه هي رؤية داعش الواضحة ورسالته المعلنة.. لكن ما بالنا نحن، في أجهزة الأمن والميليشيات، نرتكب الانتهاكات نفسها، وبخاصة القتل العشوائي أو على الهوية وتدمير الممتلكات في المناطق التي يُهزم فيها داعش وخارجها؟.. حتى المرجعية الدينية العليا في النجف وثّقت هذا وندّدت به وطالبت غير مرة بوضع حدّ فوري له.

ما كان لداعش أن يكون وأن يتمدد على طول ثلث البلاد وعرضه ويدقّ أبواب العاصمة بغداد، لو لم تكن هذه الانتهاكات تمتد في تاريخها الى ما قبل غزو داعش بسنوات.. داعش لن يُردّ على أعقابه بالسلاح وحده، ولن يُهزم من دون كسب سكان المدن والقرى (السنية) التي يحتلها.. هذا الكسب لن يكون باستمرار إساءة معاملتهم ولو بأدنى مستوى.

  كتب بتأريخ :  السبت 28-02-2015     عدد القراء :  3147       عدد التعليقات : 0