الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
لعنة سنحاريب

لا نزال نتحدث عن المؤامرة الاميركية، ونكاد ننشغل كل يوم في مغامرات التحليل السياسي ونتقافز في الفضائيات في برامج فقدت صلاحيتها للاستخدام الادمي، من أوصلنا إلى مشهد تهديم اثار الموصل، ومن قبله مشاهد تفجير الجوامع ونبش القبور.. لماذا ننسى ان كراريس التراث تعلمنا كل يوم ان لاشيء امضى وانفع من طعنة نجلاء في أجساد من لا يؤمنون بأفكارنا؟.

لماذا اصابنا الاسى ودخلنا في دهاليز الدروشة الوطنية، ونحن نرى الدواعش يستمتعون بتهشيم ما تبقى من حضارة الاشوريين، منذ سنوات ونحن نعاني من داء الخرس، نرى مسيحيي العراق، يقتلون ويهجرون من بيوتهم بسبب خطاب سياسي طائفي كاره لكل ما حوله، فنضع رؤوسنا في الرمال، وحين جردت البلاد من آخر مسيحييها عنوة، وبأوامر من امراء الطوائف، لم نجد امامنا سوى ان نتضامن " فيسبوكيا " مع الضحايا ونعجز حتى من أن نصرخ بصوت واحد: كفى؟

منذ سنوات اصر البعض على ان ينفي ويشرد جميع آشوريي وكلدان وارمن وايزيديي وصابئي هذه البلاد، بعدما تفننوا قبل اكثر من نصف قرن في " فرهود " اليهود.

من كان يصر على محاصرة المسيحيين واجبارهم على ترك بيوتهم؟.. هل تدرون ان في كل قضايا التهجير الطائفي والقتل على الهوية.. لم يُحاسب المتسببون، لأن التقارير الرسمية، تنكر كل ما يقال عن هذا الموضوع وتشتم من يتحدث عنه.

ليست القضية في قطع رؤوس سنحاريب وكلكامش.. لكنها في الجماعات الظلامية التي لا تريد للناس أن تعيش في النور.. وليس بعيداً عما جرى في الموصل، الاوامر التي صدرت بتهديم جسر المحبة في البصرة ومطاردة كل من يتفوه بكلمة حب في شوارع بعض المحافظات.

لا مكان للاختلاف مع الآخر.. فالفأس دائما حاضرة وهي نفس الفأس التي أرادت اقتطاع رأس أبو جعفر المنصور، وهي نفسها التي قررت في زمن رئيس البرلمان السابق اياد السامرائي طرد موظف من البرلمان، جريمته الوحيدة انه ينتمي للطائفة الارمنية، لان السيد السامرائي رجل مؤمن ويخاف من " نجاسة " المسيحيين، وهي نفسها التي دفعت سياسي ينتمي الى حزب اسلامي مثل عبد الكريم السامرائي يستنكف ان يحضر مراسم استلام خلفه وزير العلوم والتكنولوجيا، لا لشيء سوى ان الرجل مسيحي، فالوزير السابق يخاف على وضوئه ان يتدنس.

وهي نفس الفأس التي حطمت جمعية اشور بانيبال الثقافية في بغداد، وهي نفس الفأس التي كان يحملها خضير الخزاعي الذي اراد ان يغلق معهد الفنون الجميلة لان واجهته مليئة بالتماثيل، وهي نفس الفأس التي دفعت قياديا كبيرا لان يصرخ في مجلس النواب معترضا على تخصيص ميزانية لوزارة الثقافة "حرام يا جماعة تصرفون اموال العراق على الراقصات" وهي نفس الفأس التي دفعت نائبة برلمانية لان تحضر احتفال اقامته احدى المدارس بمناسبة بلوغ تلميذات الصف الثالث الابتدائي سن التكليف الشرعي.

يا سادة ما جرى هو نتاج نظام سياسي، تولاه طائفيون وفاسدون. وبدل تحقيق حلم التغيير بحياة امنة ومستقرة، انتشرت المآسي في كل مكان وبدلا من العلم والعدالة الاجتماعية انتشرت الخرافة والجهل والطائفية.

نظام يريد اصحابه ان يتحكمون لوحدهم في.. وتحميهم مليشياتهم من المحاسبة.. ويطردون الجميع من البلاد عندما يشاءون!

لماذا؟

لانهم يؤسسون للخراب، وهذه أقسى لعنة ستظل تطاردنا جميعا.

  كتب بتأريخ :  السبت 28-02-2015     عدد القراء :  3609       عدد التعليقات : 0