الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
نساء في سفر مدينة ألقوش النضالي

في مسيرة الكفاح الطويلة عبر عقود من السنين، كانت للمرأة في القوش حصتها في تلك المسيرة المجهدة، الصعبة، المليئة بالتضحيات. كان لها مساهمات بارزة وفي مقدمتها مؤازرتها للرجل ووقوفها بجانبه فيما يواجهه من صعاب وارتياده دروبا شائكة في مقارعة السلطات المتناوبة على حكم العراق. كان الزوج والاخ والابن ، يدخل السجن. يطرد من الوظيفة، يفصل من المدرسة، او يلتحق في الجبال حاملاً السلاح من اجل الوطن والشعب، فكانت المرأة الألقوشية تدعمه وتسانده، وخير مثال لنا في هذا الصدد المناضلة ألماس حسيب زلفا ـ ام جوزيف (1933 ــ 1991)، في جرأتها، وصبرها، وحبها اللامتناهي لرفيق عمرها القائد الانصاري البطل توما توماس (1924 ــ 1996)، ووقوفها معه في اشد اللحظات الحاسمة في حياته. لقد فقدت ولدها الشهيد منيرعام 1981 حين تم اعتقاله وغيبت اخباره لحد الان ، أحرق منزلها مراراً، هجرت من بيتها مع اطفالها الى القرى الأيزيدية المجاورة او الى المدن الكبرى، ومن ثم التحقت نهائيا بفصائل الانصار عام 1982 في قاطع بهدينان.

لعبت المرأة الألقوشية دورا بارزاً ابان ثورة 14 تموز 1985 ، فتشكلت رابطة مقدامة قادتها السيدة صلحة حميكا ام الشهيد فؤاد ديشا، ومن بعدها قادتها السيدة ماري بلو. وهناك إمراتان من ألقوش شاهدتهما في ملابس الثوار عام 1963 وهن : سعيدة اسرائيل تومكا، وصارا هرمز لازو، وهناك نساء أخريات لا حصر لهن، كن يزرن مقرات الانصار الثوار في وادي الدير ويحملن لهم الهدايا وما لذ وطاب من الطعام. عندما حصلت اعتقالات واسعة في صفوف الطلبة والمعلمين والعمال والفلاحين والكسبة في تلك الايام الغابرة غداة انقلاب البعث في 8 شباط 1963، وصلت قائمة باسماء عدد من الطالبات بغية اعتقالهن، فقسم منهن توارن عن الانظار واختفن وبعضهن فعلا تم إعتقالهن لفترة قصيرة، وأسماء تلك القائمة هي:

1. كاترين الياس الصفار

2. سمرية موما بوداغ

3. سعيدة عيسى يلدكو

4. ليلى منصور كجوجا

5. نبيلة ميا اسمرو

6. سعاد يوسف ديشا

7. سمرية حبيب حنيكا

وفي ستينات القرن الماضي انتشرت اهزوجة كالنار في الهشيم لمناضل يخاطب والدته قائلاً:

يا يمّي ان كِبَتّي/ يا امي اذا تحبيني

برنو كريثَه بْزونتّي/ برنو قصيرة اشتريني

لريشَه دْطورا مّسقتّي/ فوق الجبل صعديني

وْليذه دْتوما مْسلمتّي/ بيد توما سلميني

والمقصود هنا المناضل توما توماس ابو جوزيف . واهزوجة اخرى على لسان مناضل :

يا يِمّي لا بَخيَت طالي/ يا امي لا تبكي عليّ

سَهذا تَعمّه ان زالي/ ان ذهبت شهيداً

فتجاوبه الام قائلة:

يا بْروني ان شْقيلِت مِنّي/ يا ابني اذا انتزعوك مني

يالي دْعَمّه كُلّي أيالي/ فأولاد الشعب كلهم اولادي

في تموز 1981 قصفت الطائرات الاسرائيلية عمارة الفاكهاني في بيروت وفيها مكاتب الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فاستشهدت ابنة القوش المناضلة ثائرة فخري بطرس وكانت قد غادرت العراق ابان الحملة الشرسة للنظام العراقي على القوى الوطنية والديمقراطية. الحملة الشرسة تلك طالت ابنة اخرى لألقوش اسمها تماضر يوسف ديشا التي اعتقلت في عام 1980 واختفى كل اثر لها منذ تلك السنوات العجاف، فلا قبر ولا شاهدة شأنها شأن مئات الآلاف من العراقيين الذين غيبتهم اجهزة القمع البعثية الصدامية المجرمة.

في فترة الانصار الممتدة من 1978 وحتى الانفال في 1988 شاركت بعض من فتيات ألقوش في الكفاح المسلح : الدكتورة كاترين الياس الصفار، منى توما توماس، وماريا توما توماس، حيث حملن السلاح في اعالي الجبال ضد أعتى دكتاتورية في العصر الحديث. ونتيجة التحاقات العشرات من شباب القوش الأبطال في صفوف الأنصار ، وكانت نسبتهم عالية قياساً بمدن وحواضر المنطقة ، فقد ازدادت شراسة الديكتاتورية البعثية فإضطهدت اسرهم وطردت امهاتهم وتركوهن في العراء في أجواء من الرعب، وقالوا لهن" لا تعودوا دون اولادكم"، احداهن اعياها التعب فجلست تحت شجرة ولم تستطع مواصلة السير، فتوفيت هناك في ظروف قاهرة، وهي الشهيدة ريجو ياقو القس يونان.

واليوم تقف رابطة المرأة العراقية ــ فرع القوش بثبات فوق تربة البلدة في ظروف لا تقل صعوبة عن فترة الدكتاتورية، فخطر التطرف والارهاب يخيم على المنطقة، ويجدر بالذكر ان مئات العوائل النازحة تأويهم بلدة القوش، وللمرأة الرابطية دورها البارز في مساعدة تلك الاسر، وكذلك في ايصال مساعدات انسانية الى المجمعات والقرى المحيطة من مختلف تلاوين المجتمع العراقي القومية والدينية.

  كتب بتأريخ :  الجمعة 20-03-2015     عدد القراء :  4320       عدد التعليقات : 0