الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
العراق بين المنامة وصنعاء

خرجنا من جميع حروبنا مع دول الجوار خاسرين، ومع ذلك لم نتعلم الدرس، وقبلنا ان نصبح جزءا من مشاكل اليمن وسوريا والبحرين ، وارتضينا لأنفسنا ان تتدخل ايران وتركيا والسعودية وقطر بشؤوننا الخاصة، وان نصبح فرجة لدول الجوار ومضغة في افواه سياسيين لم يبلغوا سن الرشد، وواصلنا باصرار غريب اشعال الحرائق من حولنا.

في الاحداث التي تجري على ارض ليبيا، آثرنا الصمت وعللنا ذلك باننا لا نريد ان نتدخل بشؤون الدول الاخرى، لكننا حملنا السيوف وجهزنا القوافل للابحار صوب البحرين.

مشكلة السياسة العراقية طوال السنوات الماضية أنها تدار بنظام الصوت العالي بمعنى أنها غير محكومة بمواقف أو رؤى أو مبادئ راسخة، منذ سنوات وساستنا "الاكارم" تحولوا الى مجرد ناطقين يطلقون يوميا بيانات ثورية ويستبد بهم الغضب والعصبية فيدخلون في حرب شعواء داخل قبة البرلمان لان فلاناً شتم اردوغان، وعلاناً تحدث بسوء عن ايران.

يسمي الصديق الاعلامي خالد مطلك مايجري حولنا هذه الايام بانه نوع من النفاق والكذب، ومسرحية لاصحاب الولاءات المباعة ، ويكتب في صفحته على الفيسبوك:"نحن بطبعنا لا نكره شيئا مثلما نكره الدولة العراقية ، لكن السماء ، ورغم كل ذلك لم تتركنا بدون معركة مقدسة ، لقد اكتشفنا فجأة ان عدن وباب المندب اهم من تكريت، وان الحوثيين هم اولاد الملحة الان، اما أبناء جيشنا فهولاء أبناء الوصيفة".

تلك اذن ياصديقي هي العلة كما انبأنا شكسبير ذات يوم، أو علل الساسة، والأصحّ امراضهم الطائفية، منذ ايام والجميع يتمنى ان يستولي الحوثيون على عدن، والحواس متيقظة لمتابعة ما سيقوله عبد الله الحوثي من على قناة المسيرة، ولكن، مَن يهمّه أمر الموصل ومَن يعرف على وجه الضبط أين ترجم داعش نساء نينوى، ومَن يعرف إذا كانت اثار اقدم حضارة هربت ام تم تدميرها؟

لا يهم. سوف نعرف في المستقبل، فالآن نحن منشغلون بمصير علي عبد الله صالح. ينبغي عليك ايها المواطن العراقي ان تعرف جيدا بشار الاسد اقرب للمالكي من علاوي، وان الاغا احمد أوغلو ينتمي الى قائمة النجيفي الوطنية ، على هذه البقعة من الأرض التي لا يريد لها سياسيوها ان تتوحد، ولم تعد بغداد بعيدة عن المنامة ، والفضائيات العراقية تنقل تظاهرات البحرين وصنعاء، لكنها تصمت عن سبي الايزيديات العراقيات.

أليس غريبا أن ينسى ساستنا أن وزير خارجية سوريا وليد المعلم ظل لآخر لحظة يرفض زيارة العراق لان المالكي في الحكم، لماذا نسوا أن صاحبهم بشار قال ذات يوم: "إن الدول العربية قد فوضت وأعطت سوريا الملف العراقي".

من غير المعقول أن يطلب من العراقيين أن ينسوا أن المالكي قال ذات ليلة "لماذا الإصرار على إيواء المنظمات المسلحة والمطلوبين للقضاء العراقي والإنتربول على الأراضي السورية؟، وان الفريق "المناضل علي عبد الله صالح ظل لسنوات لايريد الاعتراف بالنظام السياسي الجديد في العراق"؟

موقف معظم الساسة يضعهم في منطقة رمادية ليس لها تضاريس واضحة، وأزعم أن التناقض في التصريحات احيانا يزيد من المسألة تعقيدا، والعجيب اننا حتى هذه اللحظة لم نسمع عن صوت رشيد يقول انه لا يجوز اخلاقيا ان يتم التعامل مع الملف اليمني او اي ملف يتعلق بأزمات الدول العربية بمثل هذه الطريقة، وان يسأل احد لماذا نضع كل إمكانياتنا السياسية لعقد مصالحة بين الاطراف السورية ، ونتراخى في تأمين مصالحة بين الفرقاء السياسيين في العراق.

أخيرا.. قد ينفع الغموض في مسائل تتعلق بالخدمات وفي الشأن الداخلي، لكنه بالتأكيد في لعبة بيع الوطن الى دول الجوار ستقودنا إلى الخراب.

  كتب بتأريخ :  الأحد 29-03-2015     عدد القراء :  2913       عدد التعليقات : 0