الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تمهل قليلا صديقي الجميل

«1»

مذ عرفتُ أنك ترسو بسفينتك على شاطئ فقراء بلادي، توسمتُ فيك النباهة والحب وتَجلي الحقيقة في عرينها، لأنك لاتزرع ليس الفرح في الروح فحسب بل تزيده ابتهاجا وغناء أسطوريا، تمضي بالذين تصطحبهم إلى دروب لازوردية، وتنثر فوق عيونهم من بنفسج روحك تلالا من الورد، لأنك تعشق الجمال بكل أصنافه. الصباحات في مقلتيك شمس ونوارس هائمات في سماء زرقاء، والمساءات بكفيك حدائق ورد ترتوي من صدق خلاياك وهي تفيض بالمحبة، تنفض عن عينيك كسل النعاس وعن ساعديك رتابة التعود وتمضي إلى بحار من العمل المتواصل رغم الفجاجة التي تحيط بك، ورغم الموج المتصاعد والماء الأجاج، رغم رياح المسعورين وسفالتهم، ورغم التخلي في الزمان النذل.. أي قوة من التحدي تفيض بروحك ومن أين تأتي بكل هذا الوضوح؟

«2»

حين أنظر إلى أكثر من أربعة عقود من الأعوام مضت وأنا لا أعرف غيرك ولا أرغب أن أعرف غيرك، ربما ينتابني هاجس البحث في كل هذه السنوات عن السر في سرمدية الارتباط، هل هي حقا سرمدية؟؟ ليس هذا اعتراف من خائب أو متيم يا صديقي، لو كنت أرى أفضل وأصدق منك وأنقى منك لما ترددت في أن أقول لك سلاما.

«3»

بحيرات الحزن كثيرة يا صديقي، والصمت الذي تبتغيه كثير، ولكن لا ينفع الصمت لمن تتلظى مهجته حبا بك، لأن صدرك يا صديقي يتسع لهموم الجميع ، أنت علمتنا الصبر وعلمتنا أن نصغي حتى لأعدائنا، لهذا نحن نرتقي بك إلى سماء صافية تكون أنت النجم الساطع فيها، أنها سماء العراق؟

«4»

لا ريب أنت صديقي الجميل، صديقي الذي عاهدت دماء رفاقي الشهداء أن لا أتخلى عنه، وفعلا كنتُ كذلك البدوي الذي يطوف بالكعبة وهو يناجي ربه (وأن ألقيتني بالنار سأخبر أهل النار بمدى حبي لك) اجمع صديقي تفاصيل كل الذين عشقوك بين جناحيك، اولئك الذين لا يريدون غيرك صديقا جميلا ولا يبتغون غير أن تبقى لهم صديقا جميلا!

«5»

من قصيدته

تمهل قليلا صديقي الجميل

فما عاد في القلب متسع للعتاب

وما عاد للروح غيرك من صاحب أو خليل،

تمهل لأبصر بغدادّ في مقلتيك تعانق دجلتها

وأسمع من شفتيك بكاء النخيل،

فلولاك كادت بلاد الجليد

تزيل من القلب وهج الطفولة

أو زهو أغنية من جنوب بلادي البعيد،

تمهل لنسقي البنفسج

قبل مجيء المساء

وقبل أوان الرحيل.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 31-03-2015     عدد القراء :  2862       عدد التعليقات : 0