الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حريم السلطان مسلسل عراقي
بقلم : مرتضى عبد الحميد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

استحوذ مسلسل «حريم السلطان» التركي على اهتمام عشرات الآلاف من العراقيين، كما هو حال بقية المسلسلات التركية والهندية. والمسألة مفهومة، فالغريق يتشبث بقشة، حيث لا يجد المواطن العراقي ما يعوض به خساراته المتلاحقة، سوى التشبث بأذيال الأمل والحياة السعيدة، وان كانت خيالية، ولا وجود لها خارج شاشات التلفزيون.

المسلسل التركي يجسد حياة الملوك والأباطرة والسلاطين، في عهود سالفة كانوا يملكون فيها كل شيء، من الحجر إلى البشر. لكن السؤال الذي ينهض امامنا وبقسوة هو: لماذا يصرّ المسؤولون عندنا على تحويل هذا المسلسل التلفزيوني، إلى واقع نعيشه كل يوم وكل ساعة، ونحن في القرن الحادي والعشرين؟

لقد ابتدأ المسلسل العراقي قبل بضع سنوات، عندما تقرر عزل التلميذات عن التلاميذ في المدارس الابتدائية، وأكبرهن لا يتجاوز عمرها الست أو السبع سنوات، بحجة الحفاظ على الفضيلة! ثم انتقلت هذه الممارسة «الديمقراطية» إلى المراحل الدراسية الأعلى، فأقتطعت ثلاث كليات من جامعة بغداد، لإنشاء جامعة خاصة بالبنات، وأخيرا وليس آخرا، جاءت القرارات القرقوشية بتأنيث الملاك التدريسي، ونقل الأساتذة والتدريسيين من الكليات ومعاهد البنات، أو المختلطة، إلى وظائف أخرى، قد لا تمت بصلة لمهنتهم الأصلية. وهذا يترك فراغاً كبيراً في الاخ?صاصات العلمية والفنية، وعلى حساب الجودة والارتقاء بالمستوى التعليمي، الذي يشكو الجميع من تدنيه اصلاً، وشيوع الفساد والطائفية وكل الأمراض الاجتماعية فيه، وهو المعّول عليه، ليس في العراق وحسب، وإنما في كل بلدان العالم. لأنه هو الأساس السليم، الذي تبنى عليه المجتمعات السائرة صوب التقدم والازدهار، وليس العائدة الى كهوف التاريخ المظلمة، كما يريد بعض مسؤولينا العباقرة.

إن المشاكل التي تعاني منها المدارس والجامعات العراقية لا أول لها ولا آخر، سواء ما يتعلق منها بمستوى القائمين عليها، تخطيطاً وتنفيذاً، أو ما يخص المعلمين والتدريسيين أو ما يتعلق بالمناهج الدراسية، وإتخامها بأفكار وأراء تمجد العنف والدكتاتورية والطائفية، وغيرها من إمراض المجتمع. فضلاً عن مشاكل المختبرات والأقسام الداخلية وتوفير الكتب والملازم، والأجور الدراسية العالية، والتلكؤ في صرف المنحة الطلابية، وما يلقيه الإرهاب وغياب الخدمات الضرورية على كاهل طلابنا، ومستوى استعدادهم ودراستهم.

لكن الغريب إلى حد الشعور بالألم، أن هؤلاء المسؤولين لا يرون هذه المشاكل التي تفقأ العين، أو يتغاضون عنها، ولا يعالجون أياً منها. بل ويتبارون في اتخاذ إجراءات مُخجلة، من قبيل عزل الطالبات عن الطلاب، وهم في هذا يتنكرون حتى لتراثنا العربي الإسلامي، عندما كان للمرأة دور مهم في التربية والسياسة والحرب، وكن ينافسن الرجال حتى في المهمات والإعمال الصعبة.

إما في العالم المتمدن، فقد بدأ ما يسمى بتأنيث السلطة، أي أن العديد من قادة العالم بدأوا يخلون أماكنهم للمرأة، دع عنك مشاركتها الفعلية في الاختصاصات العلمية والنادرة التي كانت والى وقت قريب حكراً على الرجال.

اي خير نرتجيه من مسؤولين لا يفكرون بعقولهم؟ وإنما ينحصر تفكيرهم في المنطقة الممتدة (من الحزام وجوّه) ولا شعار يعلو على شعارهم (ما اجتمع رجل وامرأة، الا وكان الشيطان ثالثهما!).

  كتب بتأريخ :  الإثنين 06-04-2015     عدد القراء :  4008       عدد التعليقات : 0