الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
حذار.. فالمعركة بعد في بدايتها!
بقلم : طريق الشعب
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

لا يزال الطريق غير ممهد لتطهير بلادنا من داعش وبقية المنظمات الارهابية، وإلحاق الهزيمة الكاملة بمشاريعها الاجرامية. وما يجري الان من عمليات كرّ وفرّ في الحرب ضدها يشير الى ان بلادنا تبقى تواجه عدوا شرسا، قادرا حتى اللحظة على تحريك قواته من مدينة الى اخرى، وبين بلادنا وسوريا.

وقد اخذ التنظيم الارهابي ابناء المناطق التي ابتليت به رهينة، ورغم ذلك فالرفض له واسع، يدلل على ذلك الآن مثلا، النزوح الكبير للعوائل من الانبار، وسط سيل من الشائعات التي يطلقها داعش ويبدو ان إعلامه ما زال يتفوق فيها، يعاونه، بوعي او بدونه، من يردد ما يطلقه بلا تمحيص وتدقيق.

لم يتحرك داعش في الانبار فقط، بل سعى ايضا لاستعادة مناطق سبق تحريرها في بيجي وحمرين وغيرهما، فيما تدور معارك ضارية في العديد من المدن السورية.

وتأتي تحركات داعش الاخيرة بعد الانتصارات المتحققة في تكريت ومدن محافظة صلاح الدين الاخرى وتحريرها على يد قواتنا المسلحة، والشروع بعملية اعادة الحياة الطبيعية فيها وعودة النازحين منها.

ان ما حصل في الايام الاخيرة في الحرب ضد الارهاب وداعش، يدلل من جديد على ان الحذر واجب، وان هناك ضرورة قصوى لتجنب الانبهار بالنصر المتحقق رغم اهميته. فالمعارك ما زالت في بدايتها، ومن الواجب الابتعاد عن التعامل المتغطرس، خاصة من جانب بعض السياسيين الذين استولت عليهم نشوة الانتصار، وطفقوا يخططون لجني ثمار سياسية مما تحقق. بل ان البعض تمادى حتى اخذ على عاتقه مهمات رسم سياسة للحكومة وفرضها كأمر واقع، بل ان منهم من راح يتدخل حتى في القضايا التفصيلية لعودة النازحين مثلا، ومن يحق له الرجوع الى مدينته، ومن يمنع بفرمان.

على ان معركة تكريت جاءت بدروس غنية لا تزال حية ومفيدة في الحرب ضد داعش. وفي المقدمة منها ضرورة توحيد قيادة المعارك ميدانيا، وان لا يكون هناك اكثر من مركز قيادي موجه، خصوصا وان قضايا الحرب حساسة وخطرة ، وبما يحول دون انطلاق البعض من حسابات ضيقة تستهدف تحقيق مصالح ذاتية، وخلق توازنات جديدة في المشهد السياسي، العكر اصلا. فيما تأكدت الآن، لا سيما في ضوء ما يحصل في الانبار، الاهمية المطلقة للتنسيق ضمن خطة موحدة، بين فصائل القوات المقاتلة ضد داعش على اختلاف مسمياتها، وتوفير مستلزمات النجاح فيها.

ويبدو ان هناك حاجة ايضا لحسم الجدل الذي يرافق كل عملية عسكرية، بشأن دور التحالف الدولي ودعمه في الامور التي حُددت من قبل الحكومة العراقية ووفقا لقرارات مجلس الامن 2170، 2178 و2199. فمن المهم الانطلاق من الحاجة المؤقتة التي تستوجبها ظروف المعركة الراهنة، وافتقار بلادنا الى بعض الحلقات المهمة في الادارة الناجحة للمعركة، ومنها الطيران والمعلومات اللوجستية واشكال الدعم والاسناد الاخرى، وان يترك امر تحديد ذلك الى الجهات المعنية والمخولة دستوريا، وتحديدا للسلطة التنفيذية والقائد العام للقوات المسلحة، وان يكف البعض عن الاستعراضات السياسية التي لا جدوى ولا فائدة ترتجى منها، في هذا الظرف الدقيق وحيث لا يزال الدم العراقي ينزف.

نعم، لا انتصار في المعارك العسكرية من دون غطاء سياسي، ووقفٍ لفوضى تصريحات المسؤولين، وتوافق على مجريات الحرب ضد الارهاب، وتفعيل الشراكة الحقيقية بين الكتل الحاكمة وارسال رسائل تطمين الى كل الفرقاء بشأن ما بعد داعش، وتوسيع دائرة التشاور والانطلاق فيها من الاطار الحكومي الضيق نسبيا الى الاطار الوطني الاوسع. فالمعركة لا تخص من هم في الحكم فحسب، بل تخص كل العراقيين وقواهم الوطنية والديمقراطية، الواضحة في مواقفها المناهضة للارهاب ومنظماته وداعش وحلفائه، والحريصة على السير بالبلاد الى بر الامان والاستقرار، وتذليل الصعاب وفتح آفاق التطور امام ابناء العراق.

ان المعركة الدائرة اليوم تستلزم الاقدام على خطوات جريئة لتحقيق المصالحة الوطنية الحقيقية. فبدون ذلك يصعب الحديث عن امكانية احراز تقدم ذي شأن، وستبقى الامور تراوح في مكانها ان لم تتدهور وتتراجع.

ان بانتظار بلادنا اياما صعبة، وان حسن ادارة شؤونها ومعالجة طائفة واسعة من الملفات العالقة ضمن خطة متكاملة الجوانب، هو ما يكشف للمواطن العراقي عن الضوء في نهاية النفق الطويل، ويدفعه للسير بخطوات واثقة ومدروسة لدحر الارهاب وداعش، وتجفيف منابعهما والحؤول دون ظهور داعش اخرى بعناوين ومسميات مغايرة، او باسلوب وممارسات مختلفة.

  كتب بتأريخ :  الإثنين 20-04-2015     عدد القراء :  1797       عدد التعليقات : 0