الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
هذه المسخرة \"الطبية\"

بالتأكيد ستُستفزّ وزيرة الصحة أشدّ الاستفزاز وستستشيط غضباً لو ان أحد الزملاء رسامي الكاريكاتير رسمها في هيئة "طبيبة" أعشاب أو طبّ شعبي أو ما يعرف بـ"الطب النبوي". وكذا الحال مع وزراء الصحة السابقين وكل الطبيبات والأطباء.. لابد انه سيعتريهم الشعور نفسه حيال الرسم المفترض.

نعم سيستفزون وتنتابهم سورة من الغضب الشديد حيال الرسام، لأن رسام الكاريكاتير في هذه الحال قد أهانهم وأهان الكليات والجامعات الرصينة التي أمضوا فيها ست سنوات في الأقل للحصول على الشهادة الجامعية الأولية في الطب، فضلاً عن سنوات الدراسة الاختصاصية وعن سنوات الخدمة والخبرة في الريف والمدينة والمواقف الصعبة التي واجهوها أثناء خدمتهم.

كل الحق سيكون مع السيدة وزيرة الصحة وزملائها السابقين وكل الأطباء في ان يُستفزوا وتندلع فيهم نار الغضب إن حدثت مثل هذه الواقعة الكاريكاتيرية المفترضة، لكنني أرغب في أن يكونوا في الحال نفسها من الاستفزاز والغضب حيال الظاهرة المتفاقمة في مدننا والتي تهين وزيرة الصحة ووزارتها وكل العاملين فيها وجميع الأطباء وذوي المهن الطبية والصحية.. انها ظاهرة "أطباء" الأعشاب و"الطب النبوي" ومن على شاكلتهم من المشعوذين والأفّاقين.

من محافظة الى أخرى ومن مدينة الى مدينة يتزايد يوماً بعد آخر عدد هؤلاء "الأطباء" الذين يحرصون على وضع لافتات كبيرة ملونة على واجهات "عياداتهم" وعلى أرصفة الشوارع العامة، يعلنون فيها انهم يعالجون كل الأمراض.. نعم كلها من دون استثناء.. إنهم – كما تدعي لافتاتهم – يعالجون أوجاع الرأس والبطن والظهر والساقين والأسنان، ومشاكل الأنف والاذن والحنجرة والرئتين والعقم والولادة، وأمراض الصرع والجذام والجرب والإسقربوط والسكري والضغط والبروستات والقلب والأمراض العصبية والنفسية ويفتتون حصى الكليتين.. بل إنهم يشفون أيضاً المرضى بالسرطان بكافة أنواعه!

هؤلاء المشعوذون الدجالون لديهم شهادة رسمية تؤهلهم للعمل على كل هذه الأمراض .. شهادة تتمثل في ان أحداً لا يتصدى لهم ولا يوقفهم عند حدهم .. وزيرة الصحة الحالية وزملاؤها السابقون لم تستفزهم هذه الحال ولم تثر غضبهم مع انها أشد تأثيراً وأقوى في توجيه الإهانة لهم شخصياً ولوزارتهم ولكلياتهم وجامعاتهم وسنوات خدمتهم الصعبة من الكاريكاتير المفترض.

وهذه الشهادة الممنوحة للدجالين والمشعوذين ممهورة بموافقة البلديات والسلطات الإدارية الأخرى في المدن التي فتحوا فيها "عياداتهم"، فما من أحد يعترض على فتح هذه "العيادات" وعلى نشر اللافتات الكبيرة الملونة. وهم فوق هذا كله يحظون بحماية فعالة من وزارة الداخلية التي لم نسمع يوماً انها تحرّكت لوقف هذه الشعوذة عند حدّها.. ولكن كيف للداخلية أن تتحرك ما دامت وزارة الصحة تتعامل مع القضية كأنها لا ترى ولا تسمع ولا تقول، وتؤيدها في هذا الموقف الدوائر البلدية والإدارية في المحافظات والتي تتخذ هي الأخرى موقف المتفرج؟

هل من عمل لوقف هذه المسخرة؟

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 21-04-2015     عدد القراء :  2322       عدد التعليقات : 0