الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
كهرباء الملا صكر

تظاهر الناس، وأطلقوا وهم غاضبون هتافات ضد تسعيرة الكهرباء: يا وزير الكهرباء.. منين جايب هالقرار.. للشعب كافي دمار.. كافي هالجور العلينه.. بلوة بيكم وابتلينه.. هيه وين الكهرباء؟

وأصدر التيار الديمقراطي بيانا فصيحا جاء فيه انه «يوما بعد يوم، يتكشف الوجه الحقيقي للقوى التي حكمت العراق منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا».

وعندما قرأتُ في البيان أن «الفاتورة الجديدة للكهرباء، التي سيقبع عندها العراقي في ظلام دامس، تذكره بالعصور الحجرية الأولى» لم أنتبه إلى تحليله أن السبب يكمن في السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة التي اعتمدت على النفط لا غير، قدر انتباهي إلى إشارته للظلام الدامس القديم.

ففي تشرين الأول عام 1917 انتهى تثبيت أعمدة الكهرباء وسط بغداد، وربطت الأسلاك. وفي أول ليلة من تشرين الثاني تألقت الأنوار في شارع الرشيد، وخرج أهل بغداد عن بكرة أبيهم وراحوا يتحلقون حول أعمدة النور، حيث المصابيح مشتعلة من دون نفط أو شخاط. وراح البعض يقول أنها تشتعل بسحر الشيطان، وان الانكليز الكفرة جاءوا بالشيطان معهم.

وتقول إحدى الروايات، ان الملا صكر، التاجر في محلة الدهانة، كان أكثر الناس كراهية للكهرباء. ويومها مرّت من أمام محله خديجة الحفافة وهي تجرجر أبناءها الأربعة، فخاطبته بفرح:

- الله يساعدك ملا.. شعجب اليوم ما رايح وي الناس للحيدرخانة؟ الناس كلها راحت يا ملا.. اليوم راح يشعلون الكهرباء..

ردّ عليها الملا صكر بغضب وتهكم:

- يشعلون جهنم..

فجفلت خديجة وصاحت باستغراب:

- وي دادة! ليش ياملا، ليش؟ ليش دخلتني جهنم؟ وانه السبت جنت بالكاظم ودعيتلك وانطيت فلسين نذر للحضرة.. ليش على بختك ملا دخلتني جهنم؟ شمسويه آني؟!

رد عليها الملا وهو يلف طرف عباءته:

- كلمن يروح يشوف الشيطان يروح وياه لجهنم.

فأجابته خديجة:

- ملا، آني أصلا رايحة أشوف الكهرباء.. حالي حال الناس.. اسمعهم يكولون بعد ماكو فوانيس ومهفات.. وراح نشرب ماي امبرد؟ والشوارع راح تضوي، وراح نخلص من الحرامية وكلشي يصير زين.

قاطعها الملا مؤنبا:

- الناس جهلة، مو كلشي اتكوله الناس احنه انصدقه.هاي الكهرباء قطعة من نار جهنم.

ارتعبت خديجة وسحبت أولادها وعادت من حيث أتت وهي تدردم:

- يا دادة! صخام الصخمني!! آني رايحة لجهنم وما ادري (ثم تخاطب أولادها) يللا يمّه يللا خل نرجع نكعد ابيتنا احسن النه.. ينطيك العافية يا ملا. (تلتفت نحوه وتخاطبه) ملا.. اني اليوم طابخة بامية يابسة، تريد اوديلك طاسة متلتلة؟

فالتفت الملا صكر نحوها وأجاب:

ـ وياريت وياها صحن تمن حتى ادعيلج اليوم بصلاتي.

وهنا طفر «بهلول» من بين المتظاهرين وصاح:

ـ وينج يا خدوجة الحفافة، تعالي شوفي .. تره الملا بعده ياكل مركتنه والتمن، وبعده ما يحبّ الكهرباء ولا يحبنه..!

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 21-04-2015     عدد القراء :  2904       عدد التعليقات : 0