الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
محاصصة القتل في بغداد ..! /

في بيانات رسمية خاصة بالوضع الامني في بغداد ليوم أمس السبت ، كانت الحصيلة مقتل ( 14 ) ارهابي ، واستشهاد ( 11 ) مواطن عراقي في تفجير الكرادة ، والعثور على جثتين مجهولة الهوية ، واغتيال عميد في وزارة الدفاع في حي الجامعة ، ليكون الحساب معادلة متساوية الاطراف توحي بتوازن الكفتين بين دولة وعصابات في مواجهة ساحتها عاصمة العراق بغداد !.

التفاصيل لطرفي المعادلة تفصح عن دلالات مختلفة حد ابتعاد الأرض عن السماء ، فالإرهابيون القتلى مأجورين ينفذون أجندات مدفوعة أثمانها من جهات لا تريد للعراقيين الأمان والاستقرار ، وهي جهات باتت معروفة للقاصي والداني ، من العراقيين وعموم أقرانهم في العالم ، وهم شذاذ آفاق ومرتزقة حتى لو كانوا عراقيين يحملون السلاح ويقاتلون بأجور مدفوعة وغايات سوداء لا تمت بصلة لكل المفاهيم الانسانية ، فيما يقابلهم على الجانب الآخر من المعادلة ، مدنيون يمارسون حياتهم الطبيعية في ارتياد المقاهي والمطاعم في مساء يوم عطلة رسمية ، ضمن حي سكني في العاصمة ، وهم خليط من أبناء الشعب ، بينهم العامل والموظف والطالب والباحث عن العمل ، وبينهم المثقف والسياسي والمستقل ، لكنهم جميعاً ينشدون الأمان والاستقرار .

معادلة القتل في بغداد يوم أمس متوازنة في العدد على طرفيها ، لكنها بالتأكيد مختلة التوازن في مضامينها ، لأن شهداءنا فيها كانوا بذمة السلطات التي انتخبها الشعب لحمايته من الإرهاب ، بينما القتلى على الجانب الآخر لا يمتون بصلة الى الشعب والدولة العراقية لانهم أعداء الأثنين ، ولأنهم مرتزقة فأن أثمانهم لا تساوي دمعةً عراقية من أم على فقيدها ومن وأب وأخ وأخت وصديق وجار على شهيد كان رقم تعادل مع قائمة القتلة ، وبين هذا وذاك ضمير يجب أن يتحمل دمائهم الزكية التي اريقت في الكرادة وفي المواقع الأخرى .

بيانات الاستشهاد والقتل في بغداد يوم أمس تمثل واحدة من الشهادات على تقصير السلطات المرتقية الى مواقعها في الدولة منذ سقوط الدكتاتورية ، وهي اضافة يومية لسجلات متكدسة من ضعف الأداء على مدى ثلاثة عشر عاماً متواصلة دون تغيير ، وسط ادعاءات بائسة من القادة والكتل والاحزاب التي تمسك بزمام الامور ، دون أن تقدم تبريرات عن حجم الفوضى ونوعيتها ونتائجها على أبناء الشعب ، الذين يدفعون أثماناً غالياً من دمائهم يومياً وفي عموم المدن العراقية ، وما حصيلة يوم أمس الا واحدة من الشهادات على ذلك .

قد تختلف نتائج معادلات المواجهة بين الارهاب والعراقيين بين يوم وآخر ، لكن قوائم ضحاياها مستمرة كأنها قانون ، وقراءة متجردة لأسبابها ونتائجها تحيل المتابع الى احصاءات مرعبة لا يمكن قبولها تحت اية ظروف ، وهي مسؤولية تتحملها السلطات الحاكمة مجتمعة ، بغض النظر عن المبررات التي يسوقها هذا الطرف أو ذاك للنأي بنفسه عن مسبباتها ، فمن يتصدى لموقع قرار عليه تحمل النتائج ، ومن يشعر بأنه مساق للأفعال المشينة دون ارادته عليه الاستقالة ، وهذا لم يحدث على مختلف المستويات ، حتى تحولت استقالة مسؤول في العراق الى أمنية للعراقيين كي يعتمدوها قياساً لنظافة الضمائر التي عزت نظافتها !.

لقد اعتمدت المعادلات في بلدان العالم المتقدمة للمقارنة بين اساليب الانتاج وتطويره ، وصولاً الى أفضلها لتحقيق الرفاه لشعوبها ، فيما يخوض قادة العراق في اساليب وطرق منافعهم ، وصولاً الى تعميم الفوضى المناسبة لبقائهم في السلطة ، حتى لو كانت تلك المعادلات دموية ، لأن الدماء المراقة نتيجة توازنها بعيدة عن أرديتهم ، ولأنها دماء الأبرياء الذين وثقوا بهم ومنحوهم الأصوات الانتخابية التي أوصلتهم الى مواقع القرار التي لم يكونوا يحلمون بها .

ان حصاد يوم دموي في بغداد كافِ للدلالة على أن الحكام لم يرتقوا الى مسؤولياتهم في خدمة الشعب العراقي الموجوع منهم وممن سبقوهم على مدى تأريخه الحديث .

  كتب بتأريخ :  الأحد 03-05-2015     عدد القراء :  3153       عدد التعليقات : 0