الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
العراق : التقسيم.. مشروع أم حقيقة..؟!

لم تمض إلا عدة سنوات على مشروع السيد جوزيف بايدن بتقسيم العراق الى ثلاث دويلات، أو إمارات متجاورة، كما هو عليه الحال بالنسبة لإمارات الخليج العربي، ليسهل حكمه والتحكم بمصيره، إنصرف الذهن المتوقد لدهاقنة السياسة الأمريكية، أمثال السيد السناتور مارك ثورنبري رئيس لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي، من خلال تعلق الأمر بالمساعدات الأمريكية للعراق، الى تقديم مشروع قرار جديد الى الكونغرس، لا يختلف في جوهره وأهدافه عن مشروع نائب الرئيس الأمريكي السيد جوزيف بايدن، حول تقسيم العراق عام/ 2004 ..!؟(1)

المهم في الأمر، أن الدعوة الى تقسيم العراق، وإن أخذت هذه المرة، شكلاً فضاً من التدخل في الشأن الداخلي العراقي، وعلى شكل صورة من الإملاءات المرفوضة في العرف السياسي والدوبلوماسي الدولي، ولكنها في جميع الأحوال قد عبرت عن طبيعة العلاقة التي تفترضها الولايات المتحدة الأمريكية مع العراق بعد إحتلالها له منذ العام/2003، وهو أمر قد جرى تناوله في عدة مقالات سابقة بهذا الشأن جاء في ختام إحداها، والتي تناولت قرار مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن تقسيم العراق/2007 ما يلي : [[ولا أريد الآن إلا أن أؤكد ؛ بأن قرار مجلس الشيوخ الأمريكي هذا، لا يعبر إلا عن عملية خلط لأوراق اللعبة السياسية في المنطقة؛ طبخت و صيغت في مطابخ خلط الأوراق الإحترافية لدى الإدارة الأمريكية؛ الهدف منها التظليل وغسل الأدمغة لتمرير مشروع التقسيم تحت واجهات من الديماغوغية المخادعة، أستغلت فيها الفدرالية أسوء إستغلال، لدرجة خلقت مناخاّ من البلبلة والإضطراب والقلق بين أوساط الشعب والقيادات السياسية، مما ينبغي معه من العراقيين، الإنتباه الى بواطن الأمور ، وتوحيد الفهم لجوهر ومحتوى القرار المذكور وأبعاده ومخاطره البعيدة، لتفويت الفرصة على المخططين، وإفشال مشروع التقسيم هذا، ذي النوايا المدمرة للعراق..!]](2)

فالعراق ليس وحده المستهدف بالتقسيم في المنطقة، وإن كان الأول من بلدانها من تعرض لهذا الهدف المدمر، الأمر الذي جرى التنويه عنه في أغلب المقالات التي تناولها العديد من الكتاب ومنها الكاتب، ولكن ما يميز العراق عن غيره من بلدان المنطقة، هو خارطته الديموغرافية المتمثلة بتنوع نسيجه الإجتماعي على الصعيدين القومي والطائفي، مما يعطي فرصة مناسبة لمن يريد الإصطياد بالماء العكر؛ أن يلعب بما لديه من الأوراق في الزمان والمكان المناسبين، بما يحقق أهدافه المرسومة؛ فالتقسيم ليس آخرها، وهذا ما بات يدركه العراقيون، منذ البدايات الأولى للإحتلال الأمريكي/2003..!(3)

وما تتعرض له بلدان أخرى، كسوريا واليمن وليبيبا وتونس ومصر، إلا حلقات في سلسلة المقاصد والأهداف المرسومة والمستهدفة في المنطقة، وإن كان العراق ينفرد عنها بما فرضته عليه ظروف الغزو والإحتلال عام /2003 ، من تكبيله بالإتفاقية الأمريكية _ العراقية المتعلقة بإنسحاب القوات الأمريكية الغازية من العراق في 2008، فما يعرضه الطرف الأمريكي، وطبقاً لأحكام تلك الإتفاقية، من مساعدات عسكرية ولوجستية، مؤطرة بشروط تنتقص من سيادة العراق، وتهدف الى فرض حالة من التقسيم الطائفي والقومي عليه، وذلك من خلال مشروع قرار جرى تمريره في الكونغرس الأمريكي حيث يتعامل مع البيشمركه والفصائل السنية المسلحة ككيانين مستقلين..!؟(4)

لقد جوبه مشروع القرار الأمريكي المذكور، بغضب شديد من قبل الأوساط السياسية والإجتماعية العراقية، لما عكسه من إهداف ونوايا واضحة المعالم تستهدف تقسيم العراق، فقد عقد مجلس النواب العراقي”جلسته امس الخميس ناقش خلالها مقترح مشروع الكونغرس الامريكي بشان العراق وقرر البرلمان تشكيل لجنة تتكون من اللجان القانونية والعلاقات الخارجية والعشائر والامن والدفاع، لصياغة قرار حول رفض مشروع قانون تقسيم العراق الذي عرضته لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الامريكي”.(5)

ومن جانبه أصدر المكتب السياسي للحزب الشيوعي العراقي بتأريخ 2015/4/30 بيانه الرافض لمشروع القرار الأمريكي المذكور، داعياً في نفس الوقت، الحكومة العراقية [[الى توفير كل المستلزمات الضرورية لادارة معركة ناجحة ضد داعش، وكل اعداء العملية السياسية والقيام، في اطار الدولة واشرافها وتوجيهها، بتسليح القوى والجهات الصادقة في تصديها لهذا الخطر الداهم وقطع الطريق على مخططاته الاجرامية واهدافه التدميرية، والبدء الفعلي، وباجراءات ملموسة، للاصلاحات السياسية والاقتصادية - الاجتماعية المطلوبة والملحة، وتعزيز الوحدة الوطنية، وعمل كل ما من شأنه انتشال العراق وشعبه من محنته الحالية.]](6)

هذا في وقت رفضت فيه الحكومة العراقية مشروع القرار الأمريكي، مضيفة بأن [["ليس هناك من تعامل بازدواجية مع الحكومة من قبل الأطراف الخارجية ونؤكد أن أي تسليح لن يتم إلا عن طريق الحكومة العراقية وفقاً لما تضعه من خطط عسكرية". ]](7)

وإستطراداً مع هذا التصريح فإنه من بدهي القول؛ الإشارة الى أن أي قبول، حتى وإن كان إفتراضياً من قبل الحكومة العراقية لمشروع القرار الأمريكي آنف الذكر، سيتعارض قطعاً مع نص وروح الدستور العراقي، ناهيك لما له من تداعيات تنسحب سلباً على مقومات العملية السياسية، وعلى سيادة وإستقلال البلاد، ووحدة نسيج المجتمع العراقي..

ومن هنا تأتي ضرورة وضوح موقف الحكومة العراقية من رفض مشروع القرار الأمريكي، مسلمة لا بد منها، لتأكيد حقيقة الرفض العراقي الرسمي، ولا نظنه كافياً الإشارة الى مجرد عدم تلمس الأزدواجية في مواقف الأطراف الخارجية، وما سيأتي من رفض برلماني عراقي منتظر لمشروع القرار الأمريكي، فإنه إن تحقق، سيكون بمثابة القاعدة السياسية والقانونية، لدعم موقف الحكومة بهذا الشأن، وبعكسه فسيسجل التأريخ وذاكرة الشعب العراقي أمر القبول بالقرار الأمريكي كحدث تأريخي سلبي لا ينسى..!

  كتب بتأريخ :  الإثنين 04-05-2015     عدد القراء :  2775       عدد التعليقات : 0