الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
شخصيات وحكايات من الرفاعي

"12"

ئاشتي

أتذكر يوم كنت في مدرسة تعليم اللغة الدنماركية، كانت تجلس إلى جانبي امرأة بجديلة طويلة، وحين قدمت نفسها لغرض التعارف مع بقية طلية الصف قالت اسمها وادعت أن لها طفلا وجنسيتها أيرلندية، وفي فترة الاستراحة لاحتساء القهوة كانت تجلس إلى جانبي، جاءني صديق وأسر لي بأن الذي تجلس إلى جانبي ليست امرأة، وإنما رجل قام بتحويل نفسه إلى امرأة. تذكرت حينها (التحول الجنسي اجتماعيا) في مدينتنا، لهذا سأتناول نموذجين.

1- كامله

في العقد الرابع من عمرها، طويلة القامة سمراء، ترتدي الزي القروي بكل تفاصيله ( صايه ،عباءة رجالية، إلباس أحجيمي (طويل)،إعگال، ويشماغ) وبهذه الحالة فأن أسمها كامل، تذهب صباحا مع عمال البناء، وتشتغل معهم في البناء كأي عامل نشط ومجد، تجلس في مقاهي الرجال وتشرب الشاي وتحكي قصص العشائر كرجل ضليع بكل حيثيات تلك القصص، تدخن بشكل غير اعتيادي من علبة معدنية مملؤة بالتبغ وورق لف السكائر، والأكثر من هذا هي تلف السكائر وتوزعها على الجالسين قريبا منها، جاءت إلى مدينتنا في بداية الستينات من قرية قريبة، وقد دارت حولها قصص كثيرة، ومن هذه القصص:

أن أهلها أرغموها على الزواج من شخص لا ترغب به، لذلك لم تسمح له بالاقتراب منها، وبقيت عذراء إلى حين وفاتها، أما البعض الذي يفكر بشكل سلبي فقد قال من أنها حقا تمت خطبتها، ولكنها رفضت أن يقترب منها زوجها لأنها لم تكن عذراء في حينها، لهذا هربت وادعت أنها مسترجلة، أما الرواية الثالثة فهي تنسف كلا الروايتين وتؤكد أنها تميل إلى بنات جنسها وذهب البعض إلى اتهامات بعلاقات مع نساء من مدينتنا نعرفهن جميعا,

لم يفكر احد بأن كامله هي حالة من الرفض الاجتماعي للنظرة الدونية التي كان ينظر بها المجتمع إلى المرأة، وهي بموقفها هذا أرادت أن تثبت أن للمرأة حق على المجتمع احترامه، سمعت بأن كامله المسترجله ماتت في بداية الثمانينات دون أن تترك أثرا سوى أنها حالة من الرفض لكل ما ينتقص من المرأة.

2- نعيم

بين مدينتنا الرفاعي ومدينة قلعة سكر، ينتصب مزار لخَدَجٍ ندعوه في لهجتنا الجنوبية (الميهول) أي المجهول، وعلى حد قول استأذنا في الرياضيات حين يسخر منه كان يقول( أفرضوه س ليش يبقى مجهول) وهذه المفردة تعني من أنه غير معروف أن كان ذكرا أم أنثى.

في اليوم الأول من السنة الفارسية والذي يسمى النيروز ( نحن نقول الدخول..أي أن الدنيا تدخل عاما جديدا) وبالنظر لقرب المسافة بين مدينتنا والمجهول فأننا نذهب مشيا على الأقدام، حيث ننهض صباحا ونسير زرافات إلى مزار المجهول ومثلنا يفعل سكان قلعة سكر، إضافة إلى القرى القريبة، لا أعرف لماذا تبدو النساء أكثر تواجدا من الرجال، هل للعباءات السود تأثير في ذلك؟ ربما ..وربما حقا النساء يجدن في هذه المناسبات متنفسا لهن فيحضرن إلى هناك.

كان من بين الحضور شاب جميل الملامح بشعر طويل يصل إلى حد خصره، يتكلم بنبرة النساء وحركاتهن يرتدي الملابس النسائية، حتى يظن من لا يعرفه بأنه امرأة متفتحة أو رافضة لتقاليد مجتمعها، أسمه مثلما يشاع نعيم والبعض يقول استبدله إلى نعمه، صوته جميل، حين يقف وسط حلقة من النساء يبدأ بالرقص ويردد ما يشبه الأغنية، نسميه في لهجتنا (الگفله) والمجتمعات حوله من النساء يتجاوبنَ معه على شكل كورس، فتكون اللازمة بينه وبينهن وهو يرقص بشعره الطويل كالتالي

هو ....................................هنَّ

يالنعمكه ما أردكه

خباز إلچ .....................ما أردكه

عجان إلچ ...................ما أردكه

كناس إلچ....................ما أردكه

طباخ إلچ ...................ما أردكه

أطلبي عليه اشتردين يالنعمكه؟....ما أردكه

وحين يصل في لازمته إلى فعل ممارسة الحب تهجم عليه النساء ويبدأن بضربه، فيهرب من بين أيديهن ضاحكا..ويذهب إلى مجموعة أخرى،

  كتب بتأريخ :  السبت 16-05-2015     عدد القراء :  3102       عدد التعليقات : 0