الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
زعماء الخراب

دائما ما يطرح هذا السؤال المحير: متى يطمئن العراقيون إلى مستقبل بلادهم؟ متى يشعر الناس بأنهم شركاء في هذا الوطن وليسوا تابعين؟ متى يغادر سؤال الخوف على مصير البلاد من أذهان أبناء هذا الوطن؟ الجواب طبعا ليس عند أحد، لأننا نعيش في ظل ساسة ومسؤولين يرفضون وجود هذا الوطن معافى وصحيح البدن والنفس، نواب وساسة يتقاضون رواتبهم من مواطن يعتبرونه مجرد مقيم يسعون إلى قيادته إلى هوة سحيقة.

اليوم يريد البعض لهذه البلاد ان تنزلق الى هاوية لا قرار لها، لا مجال للتأمل في ما يجري، لا مجال لاستعادة الوحدة الوطنية، فقط السير بخطى ثابته نحو الانهيار. يوما بعد اخر، وخرابا بعد خراب. ومذبحة بعد مذابح، والمجتمع يزداد تفرقا والوئام الذي دعا اليه العبادي لم يجد طريقه الى التطبيق لان البعض لا يريد للنفوس ان تهدأ، ويرفض ان يمنح رئيس الوزراء فرصة التقاط الانفاس، لان الهدف هو الانزلاق بنا نحو المجهول.

مسؤولون وسياسيون لم يحفظوا من قاموس السياسة سوى كلمة واحدة "الثأر"، متناسين أن "الثأر" لا يبني أوطانا ولا مجتمعات حتى ولا "صريفة" لماذا؟ لأن الثأر يعني ببساطة أننا نعيش في مجتمع يحكمه زعماء طوائف لا زعماء سياسة، تعلمنا كتب السياسة أن المواطنة الحقة ليست فخا تقوم بنصبه مجموعة ضد مجموعات أخرى.

روح الثأر لا تترك متسعا لمشاعر نبيلة أو متبصره.. فطبيعة الثأري أنه يلغي الآخر.. لذلك ينتقل معه الثأر في أي مكان يذهب إليه، تاركا خلفه الخراب ومخلفا خطبا وشعارات مليئة بالتعصب والجهل والتخلف والعشائرية.، عندما يفوز فريق سياسي على آخر في البلدان الديمقراطية الحقة، لا يسعى الفائز إلى إلغاء الآخر وتاريخه، فالفريق الفائز يعيش دائما في انتظار دوره لتسليم السلطة إلى فائز آخرـ وهو مطمئن أن لا أحد سيثأر منه.

اليوم يريد منا منتفعو السياسة أن ندخل معهم في نفق جديد شعاره الثأر من الآخر، من خلال سياسات وخطابات مضحكة من التقلبات في الولاءات والمواقف، مصرين على أن يجعلوا الخطأ صحيحاً، والحق جريمة، يعدون ولا يفون، يبنون للناس قصورا من الرمال، لا يكترثون لحق، ولا يلتمسون لحقيقة، السياسة في عرفهم سعي محموم وراء الأطماع وتعاون مع الإثم وتحالف ضد الصدق، ثروتهم الضلالة، يحاربون بكل‎ ما أوتوا من أجهزة قمع للدفاع عن قيم الاستبداد، وحكم الطوائف.

منتفعو سياسة يريدون أن يدخلوا البلاد مرحلة غير مسبوقة من ثقافة الثأر والضغينة، فئة من النفعيين والوصوليين مجرد وجودها يمنع الهواء الصحي والنظيف عن العراق وأبنائه، منتفعو سياسة لا يجدون مبررا إلى وجودهم إلا بإلغاء سواهم وتهميشهم، مصرّين على أن يصنعوا منا شعبا مخدوعاً.

انهم الصدأ الذي تركته السنوات الماضية من الطائفية والانتهازية والعيش في الماضي وكأن المستقبل لن يأتي ابدا.

انهم الفقر والتخلف والجمود وغياب الفرص وولادة اجيال بلا امل.

  كتب بتأريخ :  الأحد 17-05-2015     عدد القراء :  3144       عدد التعليقات : 0