الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
جدل التسلح

بينما كان الخطاب المتشنج المصحوب بنبرات التخوين المبطن، يتصاعد بين المتصارعين حول "تسليح العشائر" من على شاشات محطات التلفزة الفضائية، وما أكثرها اليوم في العراق، وكل يردد حجته ليسارع الآخر الى نقضها، مستهلكين الوقت دون جدوى، ومتجاهلين خطورة الأوضاع التي يمر بها عراقنا العزيز.. اغتنمت الدولة الإسلامية "داعش" الفرصة والجو المشحون وما وفر من ضعف وارتباك، لتغنم أكداسا كبيرة من الأسلحة والاعتدة من الرمادي. اسلحة لو قدر ان استخدمت في التصدي لـ "داعش" لأدت الى انكسارها وانحسار وجودها وتقهقر قواتها في الرمادي وأماكن أخرى من المحافظة. لكن الاستباحة جرت جهارا نهارا امام أعين الجميع، مثلما سبق ان حدث في الموصل قبل سنة تقريبا!

وهكذا تثبت داعش مرة أخرى، ان مصدر تسلحها الأساسي هو سلاح العراق، وان سلاح قواتنا الأمنية هو اساسه. ولعل النخب المتنفذة الحاكمة، وكذلك القوى التي ارتبطت بمشاريع إقليمية بعيدا عن مصلحة العراق، تتعلم من هذين الدرسين القاسيين والمُكلفين، في الوقت الذي لم يعد العراق فيه قادرا على تحمل خسائر أكثر.

وقد اتضح مرة اخرى، ان النقص الذي نعانيه ونحن نواجه داعش ليس في السلاح الخفيف والمتوسط، كما نسمع هنا وهناك. فالحاجة ماسة الى المدفعية الثقيلة والبعيدة المدى، والى الصواريخ الموجهة والطائرات وغيرها، وحسب متطلبات ساحة المعركة الواسعة. وهذه الاسلحة يجب ان تكون بيد الجيش والقوات المسلحة حصرا، ولا يحق لأي جهة اخرى اقتناؤها.

اكاد اجزم أن لا نقص في السلاح الخفيف والمتوسط، انما يتعلق الامر بالمعنويات، حيث وهنت العزيمة، وضعفت الإرادة الوطنية، بسبب الصراعات اللانهائية بين الاطراف السياسية النافذة، وضاعت الرؤية الموحدة بشأن خوض معركة مصير مع اشرس عدو للشعب العراقي برمته. وفي هذا الصدد لا يحتاج المرء الى سرد تجارب الشعوب التي خاضت الكفاح التحرري وقاومت العدوان، بالاعتماد على وحدتها وامكاناتها ومواردها التي حرصت عليها ولم تبددها هباء منثورا، وعلى سلاحها الذي لا تنتزعه منها أيادي المعتدين. وهكذا حققت انتصارات مشهودة سجلها تاريخ الكفاح المشرف بأسطع حروف التضحية والإقدام والبسالة والوطنية.

ليست هناك حاجة الى تأكيد المقولة العسكرية بخصوص الحروب غير التقليدية، حرب العصابات وحرب المدن وغيرهما، والتي تقول ان العدو هو مصدر السلاح الرئيسي. لكن يبدو ان هناك حاجة لتأكيد بعض الحقائق لسياسيي الصدفة، منها ان الجانب المعنوي هو الأساس في تأمين الظفر والانتصار، وان إضعاف المعنويات عبر التصريحات المتخاذلة والمواقف التقسيمية، انما ينال من ارادة الكفاح ومن كرامة المكافحين والكرامة الوطنية، ويوفر جوا مناسبا لتقدم العدو وإيغاله في العبث بأمن العراق.

  كتب بتأريخ :  الخميس 21-05-2015     عدد القراء :  3252       عدد التعليقات : 0