الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
سياسة التوافقات السياسية أضرت بالمصالح الوطنية

لقد إتضح بشكل لا يقبل الشك أن جهود القائمين على النظام منصبة على مواصلة نهج المحاصصة الطائفية واﻷثنية ، ولكن بصيغ ذات مقبولية للبعض ، كالشراكية السياسية ،أو التوافق السياسي ، فحاليا ، تُبذل جهود ، ذات نزعة محافظة ، بين صفوف التوافقيين ،على إعتبار أن صيغة التوافق السياسي أقل وقعا من الناحية اللفظية عن النهج المقيت المحاصصة  أو الشراكة ، ولربما يريدوا تحويلها الى تيار ايديولوجي يجسد النهج الطائفي لعملية التغيير أيضا ، بعد إنتشار مرض نقص المناعة الوطنية، وإنخفاض منسوب الكرامة العراقية ، وإرتفاع نسب اللامبالات عند المسؤولين ، وعدم اﻷهتمام بمصالح الجماهير الفقيرة بين بعض أوساطهم ، رغم أن جراح نهجهم وسلوكياتهم السابقة لا زالت تَضُح قيحا

إن دعاة سياسة التوافق ، يحملون آراء متشابه عموما في اﻷقتصاد واﻹجتماع ، فالحديث الذي يدور بين أوساطهم عن التنمية ، يجري بإتجاه تشجيع علاقات السوق والمشاريع الخاصة ، ونحو تقليص النفقات اﻹجتماعية ، وتقليص رواتب صغار الموظفين وأبقاء رواتبهم  ومخصصاتهم دون لمس ، على الرغم من سياسة التقشف التي تدعو لها الحكومة . ولدفع حالة الخوف من تصاعد  النضال المطلبي ، يتنكرون لحقوق الشغيلة ، ويعرقلون  دفع مستحقاتهم ، مع مواصلتهم تعطيل المصانع ، وإستيراد بضاعة لا تشكل بديلا متطورا عما كانت تنتجه المصانع العراقية المتوقفة ، ووضع تعقيدات ومعوقات تٌقَيد إحياء نشاط تلك المصانع ، كي يحدوا من إنتعاش دور الشغيلة في العملية السياسية من ناحية ، وإشغالهم بمتطلبات المحافظة على التقاليد واﻷعراف الطائفية والعشائرية ، وزجهم في دهاليزهما على مدار السنة من ناحية أخرى

لقد إتضح  للقادي والداني أن نهج التوافقات السياسية يضمن أجندات ألطامعين بالعراق أيضا ، من خلال توقف التنمية واﻹصلاح ، ولكل أنواع التقدم والتحضر اﻹجتماعي ، و مواصلة الصمت تجاه تردي الوضع اﻷقتصادي ، ونمو القاعدة المادية للمناورات اﻷقتصادية الترقيعية ، التي يراد لها أن تجد موارد تعالج اﻷزمة المالية واﻷمنية الخانقة ، عن طريق الضغط بتفكيك الضمان اﻹجتماعي ، لتغطية الفشل في معالجة موروثات اﻷنظمة السابقة ، ولوضع معوقات أمام عملية التغيير ، مما أدى الى تصاعد إحتدام حاد في التناقضات الطبقية ، وعكرت بشكل مباشر و غير مباشر سلوكية البعض . موفرة عوامل تردد اﻷنصياع  لوسائل اﻷغراء التي يقدمها بعض الساسة ، مستغلين عامل الحاجة المادية ، وتشجيعهم على الزوغان من تنفيذ الواجبات الوطنية ،  وخصوصا بين أوساط اﻹداريين واﻷمنيين ، فتصاعدت مزاجية اللامبالات بين صفوف البعض لما يتعرض له الوطن والمواطنيين والعملية السياسية والديمقراطية برمتها لشروخ بارزة  في مقدمتها إحتلال داعش وسوء تقديم الخدمات لآلاف المهجرين  .

في سياق تلك العمليات الغير مرضية ، أصبحت سياسة التوافقات ، أنسب شيء لتحقيق تكتيكاتهم المتغيرة ، في مواجهة النزعة التَحَضرية بين أوساط الجماهير ، فزجهم في دهاليز و متاهات المناسبات المذهبية ، ﻹبعادهم عن اﻷحداث التي تنمي الروح الوطنية ، وتُصَعد من إهتماماتهم في تحمل مسؤولية إدارة شؤون البلاد ، والتغيير المنتظر . كانت وراء تصاعد وتعاضم القلق السياسي واﻹجتماعي لدى الجماهير ، ناهيك عن اللأمبالات بتذليل الخلافات وتقليص معوقات المصالحة الوطنية الحقيقية ، بتحرير الفرد من تأثير الغايات المغرضة ، التي تخفض منسوب الجهد الوطني لمقاتلة داعش ،و تحرير اﻷرض من رجسها

إن لدى قوى شعبنا الوطنية ومنظمات مجتمعه المدني القوة واﻹمكانيات وبالطرق السلمية

لصد النزعة المحافظة (سياسة التوافق ) وإلحاق الهزيمة بها . وأهم شروط هزيمتها هي تلاحم الجماهير  وتصعيد نضالها المطلبي ، بعقد مؤتمر وطني يضمن تحقيق حقوق جميع اﻷحزاب الوطنية التي قارعت الدكتاتورية وحرصت على أن تسير العملية السياسية على سكة صحيحة بعيدا عن اﻷهواء الحزبية والطائفية  للقائمين على النظام ، بكونه الحل الوحيد ﻷيجاد إجماع وطني عام ، للمعضلات التي تواجه مسيرة الوطن نحو المستقبل المنشود

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-05-2015     عدد القراء :  3162       عدد التعليقات : 0