الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
أوقفوا التصريحات المسمومة يتوقف الإرهاب!
بقلم : مرتضى عبد الحميد
عرض صفحة الكاتب
العودة الى صفحة المقالات

هل كتب علينا نحن العراقيين أن تسود المبالغة والتطرف في حبنا وكرهنا على السواء وكذلك في السياسة والاقتصاد، في الثقافة والدين، وفي كل ما تمور به الحياة؟! وهل أن الأجيال الحالية، اقل كفاءة من إسلافهم وأجدادهم، الذين قدموا إلى البشرية حروف الأبجدية الأولى للحضارة الإنسانية، في الزراعة والري والقانون وغرس بذور الديمقراطية، وكيفية إدارة المدن والحواضر، الأمر الذي دفع بشيخ المؤرخين العالميين صاموئيل كرامر إلى القول بأن التاريخ يبدأ من سومر.

ان ما نشاهده ونعيشه هذه الأيام يدعو إلى الاستغراب والأسف في آن، حيث لم يكتف سياسيو الصدفة بالحضيض الذي أوصلوا العراق إليه شعباً ووطناً، وإنما يصرون على صب الزيت على نار الطائفية والتخلف والخنادق المتقابلة، والحروب الدونكيشوتية، التي يكون وقودها عادة البسطاء والطيبون من شعبنا العراقي المنكوب بهم قبل غيرهم.

وليس أدل على ذلك من التأثيرات السلبية المدمرة، التي تتركها التصريحات المسمومة، والمتطرفة أو المبالغ فيها للعديد من المسؤولين، وعن طريق بدعة لا شبيه لها في كل بلدان العالم، لا قديما ولا حديثا، تتجسد في هذا الهوس المرضي للظهور في الفضائيات، والاستعراضات الشخصية، أو المؤتمرات الصحفية التي يعقدها بعض النواب، وهي متخمة بالشحن الطائفي والقومي، وبمحاولات التسقيط السياسي، وبالتالي لا ينتج عنها غير إشاعة العنف والحقد والكراهية بين أبناء الشعب الواحد، ومن دون أي شعور بالمسؤولية الوطنية أو الأخلاقية. فالمهم بالنسبة ل?م، هو تصفية الحسابات الشخصية والتشويش على الآخر المختلف، ومناكدته، وتصيد ما يقوله، ليبنوا عليها مواقف خرقاء، سرعان ما ينتقل أثرها السيىء وضررها البالغ إلى الشارع العراقي. فيتأثر بها الكثير من المواطنين على الضفتين، وتتحول في المطاف الأخير إلى حالة من العداء المطلق، وانعدام للثقة، وتحريض على إيذاء المقابل ومحوه من الوجود.

كما تترك أثرها السيء جداً على منتسبي المؤسسة العسكرية والأمنية وتضعف معنوياتهم إلى حد بعيد، فتساهم في صنع الكارثة شاء ذلك من يمارسها أم أبى!

في جميع الدول، المتطورة منها والمتخلفة، يكلف شخص واحد أو شخصان كناطقين رسميين بأسم المؤسسات المعنية، كما هو الحال في الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً، حيث يوجد ناطق رسمي باسم البيت الأبيض، وآخر باسم الخارجية، وربما ثالث بأسم «البنتاغون»..

أما في العراق فالكل يمنح الحق لنفسه، في أن يكون ناطقاً باسم الحكومة أو مجلس النواب أو الطائفة أو العشيرة أو الكتلة البرلمانية أو غير ذلك، دون أن يكون لديه إلمام أو معرفة، ولو بالحدود الدنيا بموضوع الحديث، وبصورة فوضوية وعدائية احياناً.

أن ما جرى في الرمادي وضياعها اخيراً كما هو الحال في ضياع الموصل وبقية المدن والمحافظات العراقية، هو في جانب مهم منه حصيلة مباشرة لهذا العبث السياسي، الذي وفر الأرضية المناسبة لـ «داعش» ومثيلاتها. ولهذا السبب تحديداً يجب إيقاف هؤلاء عند حدهم، ومنعهم من الإدلاء بهذه التصريحات الرخيصة والمسمومة، من خلال تشريع قانون ينزل بهم عقوبات شديدة إذا استمروا في تخريبهم هذا.

  كتب بتأريخ :  الثلاثاء 26-05-2015     عدد القراء :  1731       عدد التعليقات : 0